لم يكد يبدأ لقاء المناظرة الذي حاول السيد نور الدين عيوش ان يتسلق منه الى مبتغاه حتى ثارت ثائرة المغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرة لهذه المناظرة التي غابت فيها أبسط شروط المناظرة.. فكيف لرجل أعمال لا يعرف غير جمع المال وفن الاشهار أن يناقش مفكرا بقامة الدكتور عبد الله العروي الذي تدرس كتاباته في جامعات عالمية! وكما لا يخفى على الجميع فان السيد نور الدين عيوش/رجل أعمال، أو فاعل جمعوي على حسب ما يقدم نفسه هو ظنا منه أنه بهكذا تقديم سينسينا خلفيته الرأسمالية، قد تسلق يوم الاربعاء الى برنامج مباشرة معكم الذي اذاعته القناة الثانية معتقدا او متخيلا انه سيناظر قامة فكرية على شاكلة الدكتور العروي.. وكله أمل وشوق في ان يقبل المغاربة بدعته الجديدة في اصلاح التعليم عن طريق التدريس بلغة "الشارع" و"السوق" في الاقسام الابتدائية...وطبعا كان له ما أراد وناظر الدكتور العروي. هذا الرجل جاءنا بشيء عُجاب! كيف لا؟ وهو رفع مذكرة للقصر مُقدما فيها نظريته الجديدة التي تفتقت بمعية بعض المثقفين المغاربة أو كذلك اعتقدوا مطالبا/مطالبين فيها باعادة النظر في مسألة التعليم!! وقد أحسن الرجل بغيرته على ما اَلت اليه وضعية التعليم ببلدنا الحبيب، ولكن الذي أساء فيه التقدير هو انه قدم إصلاحا يمكن وصفه بالمقلوب!!، فبدل التنبيه الى اعادة النظر في مقررات التدريس ودعم اللغة العربية واعادة النظر في ما سمي بالمخطط الاستعجالي وتقديم رؤية جديدة لمحاولة القضاء على التبيعة الفرونكوفونية في التعليم والادارة أتان بهذا البهتان الذي زاد الطينة بلة وجلب للرجل متاعبا اكثر مما توقع هو وجماعته .. وعلى اية حال فان خرجة السيد عيوش تحسب له وليس عليه، فكيف لا يخرج وهو الرجل الاول في الاشهار في بلدنا الحبيب وزد على ذلك صديق للملك على حد قوله في ثنايا المناظرة. بلْه على انه طالما افتخر بصداقته للسيد الهمة مستشار الملك وبعض الشخصيات التي تحسب على القصر على حد تعبير الصحفي رشيد البلغيتي ..فكل هذه الامتيازات التي يتمتع بها الرجل بالاضافة الى الملايين التي يكتنزها سهلت له ان يصبح رجل الاخبار بامتياز هذه الايام وجعلت خرجته تُحسب له وليس عليه . بل ان خرجته هاته المثيرة للجدل وصلت صداها الى خارج البلاد مما حرك بعض الكائنات البشرية المعادية لكل ما هو ديني في الدول الاوربية الى الاشادة بما قدمه السيد عيوش لانه يصب في صالح المغاربة واصلاح التعليم على حد تعبيرهم. ** ** ان مذكرة السيد عيوش لاصلاح المنظومة التعليمية مرفوضة الشكل والمضمون، وقبل الحديث عن خطورة ما تحمله هذه المذكرة في طياتها لا بد من الاشارة الى ان السيد عيوش ما زال يعيش عهد ما قبل دستور 2011 لانه رفع المذكرة الى القصر قبل ان يرسلها الى رئيس الحكومة الذي يملك صلاحيات اوسع في ظل الدستور الجديد تُحتم عليه ان يقدم مذكرته الى السيد بنكيران قبل القصر.وهذا بمفهوم المخالفة يؤدي بنا الى القول بأن السيد عيوش يريد ان يستغل صداقته بمحيط القصر ليفرض مذكرته هاته ... هذا من الناحية الشكلية .اما من ناحية المضمون فان السيد عيوش في مناظرته حاول ان يوهمنا بقصاصة اليونيسكو وباحثين دوليين ومغاربة متخصصين في اللغة والتربية والتعليم .. لكن الدكتور العروي فند كل هذه التفاهات بكلمة واحدة وفي وجه السيد عيوش بقوله : الذين حضروا ندوتك يبحثون عن عمل لهم لا اقل ولا اكثر. ولكن المتأمل في هذه المذكرة والمتمعن في فحواها ولماذا ارادت ان تركز على التعليم الاولي الابتدائي خصوصا؟ يرى بان للمذكرة نوايا خبيثة هدفها هو تشتيت هوية المغاربة وضرب حضارة أمة لها تاريخ كبير وانجازات عظيمة... ان خرجة السيد عيوش وجماعته وكل ما سطروه في مذكرتهم مرفوض جملة وتفصيلا بل اكثر من ذلك فنحن نقول بان للقضية أهدافا اكثر مما يتصوره البعض لان تدريس التلميذ بلغة "الشارع" سيؤثر على بنيته الفكرية في المستقبل فلا هو فاهم للغة المستعمر ولا هو مطلع على حضارة امته الاسلامية والعربية وبالتالي سنخرج كائنا يسهل التلاعب به فكريا وعلميا كما هو الحال الان.فلا نحن مفرنسون ولا نحن معربون بل مذبذبين بين هذا وذاك..وما واقعنا التعليمي الحالي الا خير دليل على سياسة مقصودة تجاه ابناء البلد. وأخيرا وليس اخرا اختم بهذا الحديث: : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ. قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « قَبْلَ السَّاعَةِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ ، يُصَدَّقُ فِيهِنَّ الكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهِنَّ الصَّادِقُ ، وَيَخُونُ فِيهِنَّ الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهِنَّ الرُّوَيْبِضَةُ » . رواه الحاكم في المستدرك (4/465) ، وقال : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ، ووافقه الذهبيّ . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ : وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : المَرْؤُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ العَامَّةِ. وكأني بالسيد عيوش "رويبضي" لان المقام ليس بمقامه والامر اكبر منه بكثير. . عدنان المرابط