تحولت أهم الشوارع الرئيسية للمدينة والأزقة المتفرعة، إلى سوق عام دائم، احتلال وترامي على الملك العمومي بدون سابق إعلام، ولم يعد المواطنون يحتملون هذه الظاهرة التي كرست بالقوة، و حرمت السكان من التجوال أو الخروج في جولات عائلية عبر أزقة تطوان وشوارعها للتبضع أو التمتع بالأجواء الليلية الرمضانية، خاصة في هذا الجو الحار حيث لا يطيق المرء البقاء في المنزل، وحتى الوافدين على المدينة من الزوار والسياح يجدون صعوبة في التنقل بين ممرات الأسواق العشوائية المحدثة، التي تتسع يوما بعد يوم في غفلة من مسؤولي الشأن المحلي؟؟ الذين تركوا الحبل على الغارب و"سن سياسة لهلا يقلب" والسلطات المعنية، غير منتبهين للعواقب التي تنجم عن مثل هذه الظواهر.. ناهيك عن المشاجرات والتطاحن اليومي، التي تنجم بين الفينة والأخرى في أوساط الفراشة على الأمكنة بالشوارع، أو بينهم وبين الزبائن بسبب سوء المعاملة أو بسبب سلعة مغشوشة، أحداث غالبا ما تنتهي أطوارها إما في مخافر الشرطة أو بالمستشفى المدني.. وقد أزعجت هذه الظاهرة العديد من التجار الذين يرون تهديدا حقيقيا وسببا رئيسيا في إفلاسهم وكساد تجارتهم، رغم أنهم متابعين بأداء الضرائب، بل وانغمس البعض في نفس النهج وأخرج سلعته للشارع ليحدو حدو الفراشة بل وشغل عددا منهم بالشارع مادام التنظيم هو آخر ما يفكر فيه، ومخافة بور تجارته والإفلاس الذي يتهدده.. ولعل هجوم بعض الفراشة على الأصص التي زينت بها الطرافين واستغلالها لعرض سلعهم لخير دليل على رفضهم لكل مبادرة تتصدى لهذا الاكتساح غير الشرعي للأماكن العمومية، وهو ما أدى بجمعية بائعي وتجار الحلي إلى الالتجاء للولاية لعلهم يجدون من يوقف هذا الزحف الخطير للتجارة غيرالشرعية. والحملة التي شنتها السلطات العمومية لتخليص تلك الشوارع من الفراشة أو الباعة الجائلين، تأتي بعد الاحتلال الكلي لساحة المشور وجوانب الفدان وشارع محمد الخامس وأمام سينما إسبنيول، والشوارع المتفرعة عن الباشوية وباب التوت، وباب النوادر.. وكل الممرات الرئيسية ، وحتى الأرصفة لم تسلم من انتشار وتكاثر وتكدس السلع وعرضها بشكل مهول، أثر بوضوح على عملية السير والجولان.. هذه الحملة وجدت مقاومة من لدن العديد من الباعة عشية يوم يوم أمس الأربعاء وتتحدث أخبار عن اعتقال عدد ممن رفضوا المغادرة، وهي نفس المقاومة الأخيرة التي باغث بها فراشة كورنيش مرتيل، تفنن خلالها بعضهم في رشق مقر المقاطعة الأولى بالحجارة وإصابة قائدها في رجله ونقل على وجه السرعة للمستشفى لتلقي العلاج ولم يفك الحصار إلا بتدخل قوات أمنية.. هذه الحرب المعلنة والتي غالبا ما تصادف مناسبات الأعياد، يصنفها العديد من المواطنين بالعلاج المناسباتي، إذ الأمر يقتضي حملة استباقية منظمة يتحمل فيها جميع المعنيين بتنظيم المدينة والتجارة والمتدخلين من منتخبين وسلطات ومجتمع مدني، للقيام بما يلزم من حملات توعية للحفاظ على معالم المدينة وجماليتها، وإخلاء الشوارع والأماكن العمومية من ممتهني التجارة غير الشرعية، وسن سياسة واضحة منظمة ودائمة للحيلولة دون احتلال الشوارع والأزقة، لئلا نعيش نفس السيناريوهات السابقة التي كانت سببا رئيسيا في إغراق المدينة بالفراشة وتفسير الواضحات من المفضحات. علي نصيح