يحتفي المعهد الوطني للفنون الجميلة في تطوان بالفنان التشكيلي الراحل التهامي "الداد" القصري، الذي رحل إلى دار البقاء، شهر شتنبر الماضي. وهو أول مغربي يتخرج من المدرسة الإعدادية للفنون الجميلة بتطوان، مثلما كان أول مغربي يلتحق بهذه المدرسة أستاذا لمادة النحت. ينظم المعهد الوطني للفنون الجميلة في تطوان، بمساهمة مؤسسة الرباحي مغارة" معرضا يضم مجموعة من أعمال الفنان الراحل ومجموعة من الفنانين المغاربة والإسبان وذلك في الفترة من 24 إلى 30 نونبر الجاري، برواق عبد الله الفخار. كما ينظم المعهد ندوة عن تجربة التهامي الداد القصري في النحت والصباغة. ولد التهامي الداد القصري في دجنبر من سنة 1932 بالقصرالكبير، وأكمل تعليمه العتيق بالمسيد سنة 1938، قبل أن ينتقل إلى سيدي بوحمد، ليتابع دراسته الابتدائية هنالك، ثم التحق بالمعهد الرسمي (القاضي عياض حاليا) بتطوان، ليكتشف ولعه بالرسم في هذه المرحلة. وفي سنة 1949 حصل التهامي الداد على منحة سمحت له بولوج المدرسة التحضيرية للفنون الجميلة، التي كان قد أحدثها الفنان الغرناطي ماريانو بيرتوتشي سنة 1945، وبها حصل التهامي الداد سنة 1953 على دبلوم التخرج، ومنحة ثانية مكنته من متابعة دراسته في المدرسة العليا للفنون الجميلة "سانطا إزابيل دي هنغريا بمدينة إشبيلية". وكما كان متوقعا، فقد تفوق التهامي الداد في دراسته، وحصل على دبلومي الأستاذية في الرسم والصباغة في هاته الأكاديمية المعروفة في إسبانيا. وقد سنحت له الفرصة لكي يعود إلى تطوان سنة 1958، ليشتغل أستاذا بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة التي كان قد أعاد تدشينها جلالة المغفور له محمد الخامس سنة 1957. أبان التهامي الداد عن عدة مهارات فنية أخرى لا تقل تميزا عما سبق، كالغناء في صنف الفلامينكو الذي مكنه من محاكاة كبار الفنانين الإسبان إلى درجة الحصول على الجائزة الثانية في مسابقة الفلامنكو التي نظمتها الإذاعة الوطنية الإسبانية سنة 1954 في إشبيلية. كما قام التهامي الداد لاحقا، وما بين 1965 و1970، بتدريس الرسم بمدينة سلا، حيث ساهم في تعليم وتعميم مهارات كانت تقتصر على فئة قليلة من المغاربة. بعد مسيرة حافلة بالإنجازات في ميدان النحت، حصل الفنان على التقاعد، بعد أن أكمل أحد أروع منجزاته، وهي اللوحة الجدارية للمسيرة الخضراء بتطوان، التي لا تزال تشهد إلى اليوم على عبقرية هذا الفنان الموهوب وقدراته ومؤهلاته الاستثنائية.