تكمن خطورة قواعد الهواتف الخلوية في أشعة الراديو المنبعثة منها وقدرتها (معدل طاقتها لكل وحدة زمن). فهناك ثلاث أنواع من التفاعل الذي يمكن أن يحدث بين هذه الأشعة والخلايا في جسم الإنسان: 1. اقتران بين المجال الكهربي للأشعة مع الخلايا. 2. اقتران المجال المغناطيسي للأشعة مع الخلايا. 3. امتصاص لطاقة الأشعة من قبل الخلايا ونتيجة لذلك يحدث ارتفاع في درجة حرارة الخلايا. وبما أن طاقة الأشعة تتناسب عكسيا مع مربع المسافة التي تقطعها، فإنه كلما بعد الإنسان عن القاعدة (البرج) ستقل طاقة الأشعة التي تصل لجسمه. لذا فإن التصميم الهندسي للقاعدة (البرج) ضروري لضمان عدم تعرض الإنسان لمستوى عالي من الطاقة. لذا فمن العوامل التي تلعب دورا مهما هي: 1. الطاقة الابتدائية المنبعثة من الهوائي. 2. ارتفاع القاعدة عن مستوى الأرض. 3. الزاوية التي يميل بها الهوائي عن الخط الأفقي لكي تصل الأشعة إلى سطح الأرض وهي أيضا مسؤولة عن تحديد البعد عن قاعدة البرج قبل أن تصدم الأشعة بالأرض. وهذه الثلاث عوامل تختلف باختلاف نوع الخلية الموجود بها القاعدة (البرج) والتي سبق ذكرها. يوضح الشكل (6) توزيع الطاقة المنبعثة من قاعدة (برج) هاتف خلوي وتحديد المناطق على حسب الطاقة خطورتها. لقد تم وضع معايير دولية من قبل ( ICNIRP (International Commission on Non-Ionizing Radiation Protection، مبنية على أبحاث علمية في هذا المجال، محدد فيها قدرات الأشعة التي لا تشكل ضررا للإنسان والتي يجب الالتزام بها في كافة القواعد (الأبراج) الخاصة بالهواتف الخلوية. هذه المعايير وضعت آخذة في الاعتبار الأثر الثالث في تفاعل الأشعة مع خلايا جسم الإنسان السابق الذكر؛ هو ارتفاع درجة حرارة الخلايا. معدل امتصاص الطاقة النوعي (SAR: Specific Energy Absorption Rate) هو المعيار الذي تم وضعه لقياس ضرر الأشعة على جسم الإنسان. يحدد هذا المعيار كمية الطاقة التي يمتصها أعضاء جسم الإنسان المختلفة لكل وحدة زمن ولكل وحدة كتلة ويقاس بواط لكل كلغم (W/kg). لقد تم وضع هذه المعايير وفق الأبحاث التي تم القيام بها والتي درست تأثير الأشعة على جسم الإنسان وفق زمن محدد. لا توجد حتى الآن دراسات تحدد تأثير التعرض للأشعة على المدى البعيد وذلك لصعوبة القيام بهذه الدراسة لتداخل عوامل عديدة في القياس يصعب فصلها. أبراج الجوال وصحة الإنسان وجد أن تعرض النسيج العصبي للإشعاعات الصادرة من أبراج الجوالات( Radio Ferquency radiation (RFR قد يسبب تغيرات فيسيولوجية كهربائية في الجهاز العصبي (Navakatikian and Tomashevskaya, 1994). وقد اقترحت بعض الدراسات أن RFR تؤدي إلى تسخين الانسجة الحية مما يؤدي إلى حدوث خلل بها (Gajsek et al., 2003, preace et al., 1999) وقد يؤدي التعرض ل RFR إلى خلل في الذاكرة ذات المدى القصير Short-term memory (Lai et al., 1994). قام مجموعة من العلماء بدراسة تأثير الإشعاع الصادر عن أبراج الجوالات على السلوكيات العصبية Neurobehavioral للسكان القاطنين في المبنى الموجود فوقه برج الجوال وفي المباني المقابلة للبرج وقارنوهم بأناس قاطنين في مناطق لا توجد بها ابراج جوالات مع مراعاة السن والجنس والمستوى التعليمي والمعيشي. وقد اتضح من الدراسة أن السكان القاطنين في الأماكن القريبة من أبراج الجوالات يعانون من صداع، فقدان في الذاكرة، رعاش لا إرادي، دوخة، أعراض إعياء وكآبة وقلق وانزعاج في النوم. وقد كان هناك فرق معنوي واضح في هذه الأعراض بين الأشخاص المعرضين لإشعاعات أبراج الجوالات وبين الأشخاص غير المعرضين لهذه الإشعاعات. كما وجدوا خلال هذه الدراسة أن السكان الموجودين في المبنى الذي عليه البرج كانت شكواهم من الأعراض السابقة أقل من الأشخاص الساكنين في المباني الموجودة مقابل البرج، وقد كان هذا الفرق معنوي إحصائيا. وقد يفسر ذلك بأن السقف الأسمنتي قد يكون قد امتص بعض الإشعاعات الصادرة من البرج (Abdel Rassoul et al., 2007 ) في دراسة أخرى وجد الباحثون أن أعراض الصداع، فقدان الذاكرة أو كثرة النسيان Loss of memory، حدة الطبع Irritability، دوخة، اكتئاب، هبوط في النشاط، الانزعاج أثناء النوم والصعوبة في التركيز كانت موجودة لدى الأشخاص الذين يسكنون قرب المحطات القاعدية للجوالات أو الهواتف الخلوية (أبراج الجوالات) (Santini et al., 2002, Leif, 2003, Röösli,2004) أجريت دراسة صنفت الأعراض التي تصيب المتعرضين لأشعة أبراج الجوالات على حسب المسافة من برج الجوال. وقد كانت أعراض الإحساس بالتعب موجودة فيمن يسكنون على بعد 300م من برج الجوال، أما أعراض الصداع وعدم الراحة واضطرابات النوم فكانت الغالبة على الذين يسكنون على بعد 200م من برج الجوال. أما بالنسبة للأشخاص الذين يسكنون على بعد 100م من برج الجوال فكانت لديهم الأعراض التالية: حدة الطبع، الاكتئاب والهبوط في النشاط، فقدان الذاكرة، دوخة، وقد عانت النساء من بعض هذه الأعراض أكثر من الرجال مثل الصداع، الغثيان، فقدان الشهية، الاضطراب في النوم، الاكتئاب وعدم الإحساس بالراحة (Santini, 2002). كما أن دراسة أخرى وجدت أن خطر الإصابة بالسرطان ترتفع بين السكان الموجودين في حدود 200م فأقل من أبراج الجوالات (Mclean, 2008). وقد أوضحت دراسة أخرى أن الأشخاص الساكنين قرب المحطات القاعدية للجوالات يشتكون من مشكلات في الجهاز الدوري إضافة للأعراض سابقة الذكر (Bortkiewiez, 2004; Oberfeld, 2004) و قد قام العلماء في استراليا بدراسة على متطوعين عرضوهم لأشعة مماثلة لمن يبعد 80م من برج جوال وقد أحس الذين تعرضوا لهذه التجربة بتغيرات كهربائية في الدماغ وعدم الإحساس بالصحة، حيث أشاروا إلى أن هناك أزيزا في رأسهم، وزيادة في ضربات القلب، مع عدم الإحساس بالرأس، مشكلات تنفسية، عصبية، تهيج، صداع ورعشة (Oberfeld, 2005 ). من ناحية أخرى بدأ الاطباء في بلدان العالم المختلفة بمطالبة حكوماتهم بإصدار أنظمة جديدة تقلل من كمية الأشعة المسموح انبعاثها من أبراج الجوالات. ففي ألمانيا طلب الأطباء 2002، 2004، 2005 السلطات بتقليل الإشعاعات الصادرة من أبراج الجوالات والمسببة لغالبية الأعراض التي ذكرت سابقاً في هذه المقالة (Mclean, 2008 ). أما الأطباء في أيرلندا فقد أعلنوا أن هنالك طائفة من الناس لديها حساسية لمختلف أنواع الإشعاعات الكهرومغناطيسية وقد أوصى هؤلاء الأطباء الحكومة الأيرلندية في عام 2005 بزيادة الدعم لعمل أبحاث للبحث عن سبل لعلاج هذه الفئة الفائقة الحساسية من الإشعاعات. وقد تم طلب تقليل المستوى المسموح به من إشعاعات الميكرويف المسموح بها دوليا، حيث إن المستوى المسموح به الآن معتمد على الآثار الحرارية المترتبة عليه بينما يوجد حاليا من الدلائل والإثباتات العلمية ما يدل على أن هناك آثار أخرى لهذه الإشعاعات عدا الآثار الحرارية (Mclean, 2008 ). أما في السويد فقد اعتبر الأشخاص الذين يعانون من حساسية عالية من الإشعاعات الكهرومغناطيسية(Electromagnetic hypersensitivity (EHS من الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتصرف لهم الحكومة إعانات لتساعدهم على المعيشة (Mclean, 2008). كما أوصت هذه الدراسات بأنه لا بد من مراقبة كمية إشعاعات RFR الصادرة من المحطات القاعدية للجوالات (أبراج الجوالات) Mobile phone base station antennas للتأكد من عدم تجاوزها الحد المسموح به حيث إن الإشعاعات الصادرة قي تزايد مع زيادة عدد المستخدمين مما يؤدي إلى زيادة الاضطرابات العصبية السلوكية Neurobehavioral disorders بين السكان القاطنين حول هذه المحطات. كما أن المزيد من الدراسات العلمية يجب أن تجرى على هذا الموضوع . منقول للفائدة .