ترانا هل نحتاج الى وطن جديد ام تراه وطننا من يحتاج الى شعب جديد،هكذا قال ذات مرة محمود درويش .يضيق الافق وتتسع الهوة ويزداد الاحساس بالغبن ويظل الامل حبيس الاعين الزائغة المترقبة اللاهفة لذاك الذي يأتي او لا ياتي. يظل قابعا لساعات طوال على كرسي المقهى يترقب الاخبار السارة التي سوف تنقله من عالم العوز والحرمان الى عالم العمل والكرامة،يلتفت يمنة ويسرة لعله يرمق في اعين احدهم بارقة امل تعيد اليه بسمة الخلاص. يتظاهر بالمرح وهو غير ذلك وفي احيان أخرى يبدو الاتزان والجد على وجهه وسائر كيانه ،لكنه التعب من الحياة كمن يرى الوقت يمر وهو يبحث باهتمام عن شيئ لا يجده. كل عقله وكل حواسه تستشعر وتترقب لحظة واحدة لحظة المناداة عليه لاخد مكنستة ،يسمع كلاما واحاديث و همهمات واحيانا اخبارا تتحدث عن قرب الفرج فيطير قلبه فرحا وطربا،وتارة اخرى ياتيه الرسل بما لاتهواه نفسه فيأخده الحزن الى مجاهل الانطواء والتذمر فيسخط ويلعن الوقت والزمن الذين جعلاه رهينة سادية الساسة وفشل سياساتهم الاجتماعية . نعم ايها السادة المحترمين انتم يا من ترفلون في نعيم خيرات الوطن،انتم من قبضتم الثمن ايرضيكم ان يظل الرجل قابضا على الريح، تنتظره كل ليلة ثلاثة افواه ان يعود اليهم بشيئ من الرغيف والزيت ليحتضنها في الاخير بايدي فارغة وبكثير من الدموع. حتى المكنسة يعني بدارجتنا العامية شطابة تستحق كل هذا العناء وهذا الانتظار . ان اصدق الدموع دموع الرجال لانها نادرة ،فنذرتها صدق قوتها وقوتها في ضعفها.