بصيغة أو بأخرى يبقى التبذير و الإسراف من محرمات شريعتنا الإسلامية، و كيفما كان الوضع أو كيفما تم تصوير الغرور والاختيال تظل صور التلميع التي تريد بعض الجمعيات الظهور بها واضحة للعيان ، و لا يختلف اثنان على كون العمل الجمعوي يجب أن يصب بالأساس في مصلحة المواطن البسيط و الضعيف حتى يتسنى له الحصول على الأقل على القليل من شروط العيش الكريم. أغلب الآراء حين نتكلم عن دور الجمعيات تجزم على ان أصحابها عبارة عن لصوص يتسترون وراء هذا العمل الذي من المفروض أن يكون إنسانيا بما تحمله الكلمة من معنى، مع الاسترسال لتدارك الموقف بعبارة إلا من رحم ربي. الكل يثمن عملا انصب بحق لإصلاح وضع أو لإنقاذ حالة ظلمت في مجتمعنا أو حتى لتحقيق أهداف إنسانية بحتة تعيد كرامة شخص يعاني من ظلم أو من تهميش بسبب او بغيره، لكننا نوافقهم الرأي أحيانا حين نفكر بتمعن في النفع الذي يمكن أن يعود على المقصود من وراء نشاط أو عمل - صرفت عليه الآلاف من الدراهم أن لم نقل الملايين حتى لا نبالغ- على أصحابه أو على من وجهت له الالتفاتة للأخذ بيده و لإعانته، لأن مجرد تحليل بسيط يدفعنا للجزم بأن الهدف المتوخى من كل هذا لم يتحقق، و لعل بعض الأعمال "المجتمعية" مؤخرا تشرح الوضع بكل بساطة. تساؤل بسيط في هذا المنحى:" ما الفائدة من وراء تكريم شخصيات لا تنفع ولا تضر أو بالأحرى قد تضر أكثر مما تنفع؟ أو بصيغة أخرى: ما الهدف من وراء صرف كل هاته المبالغ لإعداد ولائم و حفلات صاخبة تنتهي ب"الشطيح و الرديح" و تتخلها فقرات تبادل الهدايا و الجوائز مرة من هذا الجانب و مرة من الجانب الذي تكلف بالحفل مسبقا؟ أو ليس هذا بمال عام؟ اولا يجدر بمن يمنحه أن يدرس النشاط بكل ضمير ليتأكد من أن المال الممنوح سيذهب لمقصد خيري و سيعود بالنفع على ذاك المواطن البسيط الذي لم يأخذ حقه من الثروة الضائعة و المجزأة دون عدل؟؟؟