"كل نهار ناقص من العمار" هذه العبارة المتداولة تحمل في طياتها معاني كثيرة ، ألفنا سماعها من جداتنا و امهاتنا، و هي في حد ذاتها تعبير واضح يشير أن السنين تمر بسرعة دون أن تلفت اهتمامنا أو نعيرها اهتماما يليق بصيرورتها المتسارعة. كنا فيما قبل نحس بمرور الوقت البطيء و كأنه سنين، كان اليوم يعني يوما و الشهر شهرا و السنة سنة، كنا نحس بالعطلة الصيفية و كأنها دهرا، كنا نعد للشهر الفضيل ولعيد الفطر و الأضحى وكأن بينهم وقت طويل، كنا نحيا اليوم بأكمله و الأسبوع كذلك و الشهر أيضا و السنة حدث ولاحرج. بين هذا و ذاك بدأنا نحس بتغيير الحال، حال لا محالة قد انقلب و تبدل، الكل يحكي أن "الوقت كيطير" و نحن معه كذلك ، بمجرد أن يبدأ الاسبوع تجده ينقضي و ينصرم دون ان تحس به، اليوم بالأربع و عشرين ساعته لم يعد يكفي لما نقوم به، رغم ما لنا من كماليات تجعل العيش سهلا رغيدا. ربما في هذا ما يجعلنا نفرح و نسعد بطريقة العيش هذه لكن الواقع يحمل في ثناياه ما يجعلنا نخشى على أنفسنا و على اولادنا الذين يمضون الساعات و الساعات و الأيام و الليالي وهم ساهون في شاشات هواتفهم الذكية التي أرغمتهم على استعمال النظارات و قضت على شعورهم بحلاوة هده الحياة، و جعلت الليل و النهار ينسلبان من بين أيديهم دون أن يشعروا بأهميتهما، و الأدهى من هذا انهما لا يعودان كي تتاح لهم فرصة عيشهما ثانية، للأسف هذه ضريبة هذه الاختراعات التي غيرت مسار حياتنا و حرمتنا من الائتلاف الأسري و من طيبوبة الأقارب و من حلاوة الخرجات العائلية "للخلا" ومن كل ماكان جميلا في زمننا الجميل...