في إطار أنشطتها القرائية لهذا الموسم، احتضنت مكتبة بيت الحكمة مساء الجمعة 17 مارس 2017 لقاء مع قرائها لعرض كتاب "النور اللامع في بيان الأصل الجامع، أو الجامعة الإسلامية"، لمؤلفه إبراهيم السنوسي الفاسي المتوفى سنة 1304ه 1886م، من تحقيق الأستاذين مصطفى عبد الله الغاشي وعبد الله المرابط الترغي (رحمه الله)، قام بتسيير هذا اللقاء الدكتور نزار التجديتي، وقراءة الدكتور عبد اللطيف شهبون، وبحضور محققه الدكتور مصطفى الغاشي. وقد حضر هذه القراءة مجموعة من أساتذة وطلاب شعبتي التاريخ والأدب بالكلية، وكذا ثلة من الأساتذة المتابعين لتاريخ المنطقة، وعدد من المهتمين. بعد الكلمة الترحيبية للمشرفين على المكتبة، ولمسير الجلسة الذي شكر بدوره الحضور، انطلق الدكتور عبد اللطيف شهبون في وضع هذا النص في سياقه التاريخي العام، مبتدئا حديثه من عنوان الكتاب "الأصل الجامع" بمعنى أنه أصل ديني صافي لامع، والجامع باعتباره يعالج مسألة الخلافة أو الجامعة الإسلامية، نظرا لأن إبراهيم السنوسي الفاسي كان سفيرا للسلطان عبد الحميد الثاني- في فترة عصيبة من تاريخ الخلافة الإسلامية خلال القرن التاسع عشر الميلادي لتوحيد العالم الإسلامي- إلى السلطان العلوي الحسن الأول عام 1878م، يدعوه فيها إلى الاتحاد والتضامن الإسلاميين لمواجهة الأخطار الأوربية على الأراضي الإسلامية. وقد ركز المتدخل على أن السنوسي كان يكتب بنفس صوفي عميق على الرغم من أن الكتاب لا علاقة له بالتصوف، ولكن يلاحظ عليه ذلك الربط العجيب بين ما هو شرعي (من أمور الخلافة) وما هو صوفي (من الدعوة إلى التحلي بالأخلاق على طول فروع هذا الكتاب)، أو بين ما هو حجاج شرعي وحجاج قلبي قيمي. وقد خلص المحاضر إلى أن السنوسي لا يقدم في هذا الكتاب أطروحة سياسية بقدر ما يناقش الموضوع أخلاقيا، وقد اعتبر كذلك أن للكتاب مسحة صوفية عكس ما نجده في كتب الأحكام السلطانية المعروفة (الماوردي مثلا)، ولذلك ينبغي أن نقرأ الكتاب من تلك المسحة الصوفية العالية. الكلمة الثانية كانت لمحقق الكتاب الدكتور مصطفى الغاشي الذي ابتدأها بالحديث عن ظروف تحقيق هذه الرسالة والتي يرجع الفضل فيها لأستاذه – أستاذ الأجيال- الدكتور عبد الله الترغي – رحمه الله- الرجل الذي عاش حياته يحتفي بالمخطوط أينما حل وارتحل، مما جعل مكانته ترتقي باعتباره خبيرا بالمخطوطات، وقد عثر على هذا النص بالمكتبة العامة والمحفوظات بتطوان والتي تحتوي على نفائس المخطوطات بالجهة. ثم عرض الدكتور مصطفى الغاشي لخط هذا النص، معتبرا أن العجيب فيه أنه كتب بخط مشرقي ينسب إلى رضا كحالة صاحب معجم المؤلفين. وقد ذكر المتدخل أن موضوع الكتاب يقوم للتأسيس لمساهمة المغاربة في موضوع الوحدة الإسلامية في زمن الرواد خلال القرن التاسع عشر أيام جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا وغيرهم، كذلك يضع يده على التأريخ للعلاقات المغربية الألمانية باعتبار ما كان للألمان من دور سياسي في وجه الدعوة إلى الوحدة الإسلامية وعلاقة المغرب بألمانيا في تلك الفترة التاريخية، والتي تتطلب منا اليوم قراءة تاريخية جديدة لمضامينها تنأى بنا عما كتبه الناصري في الاستقصا وابن زيدان في مآثره وأعلامه. هذا وقد عرف اللقاء مشاركة مجموعة من الأساتذة طرحوا مداخلاتهم عقب انتهاء هذه القراءة مساهمة منهم في تعميق البحث والقراءة في مضمون هذه الوثيقة التاريخية التي تشهد للمغاربة بمشاركتهم إخوانهم المشارقة في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية خلال تلك الفترة العصيبة من تاريخ الأمة العربية الإسلامية.