انسابت حافلة النقل المزدوج بين شعب الطريق الضيقة( التي بالكاد تسمح بالمرور في اتجاه واحد)،عينها على قرية؛ جدورها مغروسة في عمق التاريخ المغربي، واغصانها تمتد نحو أفق مشرع لم تحدد معالمه بعد ... ارشيدة ،أو قرية الولي سيدي يعقوب تصر على مصارعة الواقع الصعب، واقع يقول ان التنمية ببلدنا لم تصلها كمناطق أخرى كثيرة وتركتها وهي عروس الشرق تغالب تقلبات الزمان .سأحدثكم في حلقات قادمة عن واقع ارشيدة بين ماضيها المجيد وحاضرها الصعب وآمال أبناءها في المستقبل . اما اليوم فاردت ان ادغدغ مشاعركم.. انتم من غابت عنكم معرفتها...واهلها ممن غادروها ومن هم بين احضانها. ارتفاعها على مستوى سطح الارض يحملك في صبحيات ضبابية إلى مشاهد جميلة تحس وأنت في ذاك المرتفع وكأن أكوام القطن الممتد على الأفق، أفرشة لينة الامتطاء، لكنها سرعان ما تكشف عن امتداد نحو السفح، سفح ينفتح على أراضي شاسعة وغابات متنوعة . تتراءى لك هنا وهناك قطعان المعز ذي الجلد الأسود، وراءها صبية يسوقونها نحو مراتع مفتوحة....يقول لي الشيخ:" .لازال بعض الرعاة يعيشون حالة البدو الرحل ..ادا تتبعت ذاك المسير ستجدين خيامهم وعالمهم المتنقل حسب الفصول". المنازل الطينية التراثية علامات بارزة لمناطق قاومت صعوبات الزمن وتشبتت بالحياة،نفس البناء يحتضن معالم من ارشيدة ..تتحدث الروايات الموثقة عن مكتبة تاريخية ضمت بين جدرانها بعض"الأمهات"مجلدت ومخطوطات لاتقدر بقيمة وقرآن مكتوب على جلد غزال ...ضاعت أمهات الكتب في لحظة غفلة بين تفريط وافراط ومعها ضاع جزء هام من قرية عالمة ...هل تستردها يوما ما ؟من يدري؟ ضريح الولي والمسجد العتيق حيث تسمع عقب صلاة المغرب دندنات القراء بشكل متواتر مند قرون تشير إلى ذاك الانتماء العميق لعقيدة صلبة تشكل أكبر قوة للقرية ولأهلها. جدتي تعد اكلات مزجت أعشابا من المنطقة وبكثير من الحب تأتي بشيء لا يوصف ،وجدي يحاول أن يقص على عمر ذكريات من ماضي جميل.عمر يفهم فقط تلك البسمة لدى جده.. لكني انا أحس بخيط رفيع يمر عبري وعبره ليربطني ويربطه بارشيدة...اجدني وانا ارتمي بين احضان هذه القرية محبة لاهلها مفتونة بجمال لوحاتها الطبيعية وما جادت به القدرة الالهية من صفاء ونقاء في قلوب ساكنيها.. . أود أن أطيل إقامتي لاكتشف أسرار جدوري ..أعيش لحظات فرح وأعراس وأسمع من النسوة قصصا جميلة ..يوما ما أدونها للنشر وحتى وان لم تنشر ساتركها لعمر واكتب فوقها .".هذه جدورك فتشبت بها..." سأعود لكم بتحقيقات مفصلة حول ارشيدة .