في الأسابيع السابقة للعيد عرفت مختلف متاجر البيع و الشراء رواجا منقطع النظير سببت في اكتظاظ عام للطرقات الرئيسية المؤدية لهذه الأسواق المفتعلة حتى مشيا على الأقدام، كل ما يمكن أن يباع ، بيع في تلك الأيام و إن لم تكن له علاقة بعيد الأضحى. الأسواق التي اعتدنا عليها كسوق "سانية الرمل" على سبيل المثال" كان الداخل إليه مفقود، و الخارج منه مولود"، كما عرف خروجا عن السيطرة المطلقة لتسييره بحيث كان فيما قبل يعرف توقيتا مستمرا لينتهي به البيع في حدود الثالثة بعد الزوال تاركا لعمال النظافة مجالا لتنقيته من النفايات التي يخلفها الباعة كي يستقبل بعدها يوما جديدا. هذه الخاصية تم التخلي عنها في "عواشر العيد"، علما بأن أعيادا مماثلة قد مرت و لم يعرف السوق فيها هذه" التهجيجة". هناك من سيقول بأن الناس في حاجة لترويج منتوجاتها، أتفق معهم تماما غير أن التنظيم و الانضباط لا يقف في وجه هذا الرواج بتاتا. لنغير الوجهة لوسط المدينة، لا أظن أن أحدكم لم يتضجر من انتشار المفارش في كل شوارع المدينة بدءا من باب التوت لغاية باب العقلة، تخيل لي في أحد هذه الأيام أن المدينة برمتها عبارة عن سوق أسبوعي كبير… كل ما يمكن أن يباع مفروشا فوق الأرض، حتى ما يلتقط من صناديق القمامات من قنينات بلاستيكية أو قطع أواني مكسرة أو حتى لعب أطفال كانت ملقاة مع الأزبال يعاد بيعها من طرف المدمنين. شارع "محمد الخامس" نعى حاله لما آل إليه، فبعدما كان وجهة الأنيقين من سكان هذه المدينة الذين يحجون إليه في كل مساء بأبهى الحلل أصبح مرتع الهرج و المرج الناتج عن الصراخ الصادر من الحناجر القوية للباعة المنتشرين به على كل جنباته ، فقد جمالية التصاميم التي وضعت فيه كي ترقيه لمصاف الشوارع الجميلة و النظيفة، أصائص الورود المتواجدة به تحولت إلى مطافئ سجائر كبيرة أو إلى معارض دمى مكسوة بملابس لا تمت للجودة بصلة. و الغريب في الأمر أننا حسبنا بأن هذا البيع مرهون بالتبضع المسبق لاحتياجات العيد لنجد عودة هذه التجارة لهذه الشوارع ثاني أيام العيد و بقوة، فلم كانت اللهفة حاضرة لاقتناء جميع المواد قبل هذا اليوم؟؟؟ أم أن التسابق لبعض الأماكن الاستراتيجية من أولويات أصحاب هذه المفارش؟؟؟ كيف لمسيري شأن هذه المدينة أن يتغاضوا عن كل هذه الخروقات و يسمحوا لانتشار تجارة متنصلة من أداء واجباتها الضريبة لهذه الدولة في زمن استفحلت فيه الأزمة، و باتت الزيادات مرتقبة حتى في رغيف خبز؟ هذا دون الخوض في تفاصيل الحفاظ عن جمالية شوارعنا، او التصدي لآفة البطالة التي تزيد استفحالا يوما بعد يوم… المشكل أعمق و أخطر و إن لم تتم السيطرة عليه قبل استفحاله فسيكون الأمر عسيرا فيما هو آت…