أكد وزير العدل محمد أوجار أن الشراكة بين المغرب وإيطاليا ستؤسس لإحلال السلم وتعزيز الحريات والديمقراطية في منطقة البحر الأبيض المتوسط. وقال الوزير، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة زيارة العمل التي قام بها لإيطاليا هذا الأسبوع، إنه اتفق مع نظيره الإيطالي ألفونسو بونافيدي خلال المباحثات التي أجراها معه، على إقامة شراكة بين الرباط وروما "لتجسيد التعاون بين بلد من شمال المتوسط وبلد من جنوبه، والذي من شأنه جعل هذا الفضاء واحة للسلم والحرية والديمقراطية". وأكد السيد أوجار على جهود المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل تسوية الأزمات عبر العالم وفي إفريقيا، داعيا إلى تكاثف الجهود فيما بين الدول للقضاء على الأسباب "الحقيقية للهجرة السرية"، و المتمثلة في الحروب الأهلية و المجاعة وغياب الحريات والديمقراطية. وتابع أنه خلال هذه المباحثات، التي تطرقت "للأدوار الرائدة للمغرب في إفريقيا وفي العالم العربي و حوض البحر الأبيض المتوسط"، تم الاتفاق على قيام السيد بونافيدي بزيارة للمغرب مستقبلا و على تطوير التعاون في كل المجالات التي تتعلق بقضايا المتوسط . وسجل الاهتمام، الذي أبداه الوزير الإيطالي بالإصلاحات الجارية بالمملكة، خاصة في مجال تحديث منظومة العدالة وإصلاح القضاء، و إشادته كذلك بالجهود المبذولة من قبل المغرب لمحاربة الهجرة السرية. وفي هذا السياق ، ذكر أوجار ب"المقاربة الإنسانية المتميزة " التي اعتمدها المغرب في مجال الهجرة والتي دفعت الأممالمتحدة لاختيار مراكش لتنظيم في دجنبر القادم أول مؤتمر للمنظمة الأممية يتناول قضية الهجرة . وشدد على أهمية مشاركة إيطاليا في هذا الحدث، إذ وجه الدعوة لرئيس الحكومة و لوزير العدل الإيطاليين، إضافة إلى كل الأطراف الأخرى لحضور المؤتمر. وحسب الوزير فإن هذه الزيارة كانت مناسبة لإطلاع الجانب الإيطالي على استراتيجية المغرب المتميزة لمحاربة الإرهاب والتطرف والتي تحظى بإشادة دولية، والمقاربة الشاملة التي تعتمدها المملكة بهذا الخصوص ، والتي ترتكز على تكامل الاستراتيجيات الأمنية، التربوية و الفكرية ثم الفقهية. كما سلطت المحادثات، حسب الوزير، الضوء على المبادرات المتميزة التي تقوم بها "بلادنا في مجال تفكيك الخطاب الجهادي والخطاب الإرهابي" وأيضا على مبادرات المصالحة التي تتم داخل السجون المغربية بإشراك كل الفعاليات من أجل العمل مع المدانين في قضايا الإرهاب لتحقيق المصالحة مع ذاتهم و مع المجتمع و للتراجع عن الأفكار المتطرفة. أما في مجال التعاون الثنائي، فقد تم الاتفاق مع وزير العدل الإيطالي، يضيف السيد أوجار، على تشكيل لجنة مشتركة تضم خبراء مغاربة و إيطاليين ينكبون على تذليل كل العقبات التي تحول دون تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، على اعتبار أن هناك "قضايا معقدة ومركبة" تحتاج للقاءات على مستوى الخبراء. وترتبط هذه القضايا "بأوضاع الأطفال المغاربة في إيطاليا و بنظام الكفالة، وما يطرحه تنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بالأسرة و الطلاق والنفقة لاختلاف النظامين القانونيين بين البلدين"، وكذلك قضايا ترحيل السجناء و أوضاع السجناء المغاربة في السجون الإيطالية وكل قضايا التعاون القضائي العادية، يقول الوزير. واستعرض جهود المغرب للوصول للمحكمة الرقمية بحلول 2021 ،" تنفيذا للمشروع الملكي الذي سيمكن المغاربة من قضاء نزيه ومستقل في خدمة الحريات والحقوق". وأشار إلى أن بونافيدي وقع على قرار تعيين قاضي الاتصال الإيطالي في المغرب "تأكيدا منه على رغبته القوية في تطوير العلاقات مع المملكة وتحفيزها" ، كما عبر عن تقديره للإصلاحات الجارية والاستقرار الذي ينعم به المغرب والعناية التي يوليها للأقليات بالخصوص. و قال أوجار إنه أوضح للجانب الإيطالي، الذي نوه بالإصلاحات الدستورية والسياسية التي يقودها جلالة الملك ، أن دستور 2011 "مبادرة حضارية واستباقية لصاحب الجلالة تنم عن شجاعة جلالته، الذي تبنى كل المطالب التي عبرت عنها مختلف فئات الشعب المغربي". وتابع أن هذا الدستور، الذي يضمن الحقوق والحريات ، اعتبرته اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون "لجنة البندقية" 'متجاوبا مع المعايير الدولية' .