أكد تشو تشيانغ رئيس القضاة ورئيس محكمة الشعب العليا بالجمهورية الصينية الشعبية، اليوم السبت بالرباط، على وجود إرادة حقيقية للعمل المشترك المهيكل بين المغرب والصين من أجل تبادل الخبرات خاصة في مجال القضاء. ونوه رئيس المحكمة العليا الصينية خلال استقباله من قبل مصطفى فارس الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالجهود الكبرى المبذولة بالمغرب على مختلف المستويات وخاصة في مجال العدل والقضاء، مؤكدا أن "ما اطلع عليه من العمل المشرف لمحكمة النقض يجب الاستفادة منه من خلال آليات للتعاون الجاد والبناء". وعبر تشو تشيانغ، الذي كان مرفوقا بوفد قضائي هام، عن اعتزازه بالتواجد بمقر أعلى هيئة قضائية ذات رمزية ومكانة اعتبارية، مشيدا بالعلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع بين البلدين ويأتي هذا اللقاء تفعيلا لاتفاقية التعاون الموقعة ببيكين شهر يوليوز الماضي بين محكمة النقض المغربية والمحكمة العليا لجمهورية الصين الشعبية، وتجسيدا لعمق العلاقات التاريخية والشراكة القوية بين البلدين في مختلف المجالات والتي عرفت دينامية كبيرة بعد زيارة جلالة الملك محمد السادس لبكين سنة 2016. وقد شكل هذا اللقاء فرصة ملائمة قدم فيها الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية السيد مصطفى فارس لضيفه الصيني والوفد المرافق له شروحات حول الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تعرفها المملكة في مجال العدالة التي تعد مشروعا مجتمعيا يساهم فيه الجميع في إطار المقاربة التشاركية بكل مسؤولية ومواطنة برعاية ملكية سامية، موضحا أن دستور 2011 جاء تتويجا لتراكمات حقوقية وقانونية وتنموية كبرى، ونقطة انطلاق لمستقبل مجتمع حداثي تكون فيه السلطة القضائية ملزمة بضمان الحقوق والحريات والتطبيق العادل للقانون. وفي هذا الإطار، أوضح مصطفى فارس للمسؤول القضائي الصيني الخطوات والمراحل التي قطعها المغرب في مجال استقلال السلطة القضائية والأهداف المستقبلية المسطرة من أجل تكريس الحكامة والشفافية والنجاعة في تدبير هذا المجال الحيوي الهام، داعيا إلى ضرورة الرقي بالعلاقات الثنائية في مجال العدالة إلى شراكة نموذجية ناجعة، تعكس القواسم المشتركة التي تجمع بين البلدين. وأكد أن المغرب والصين تجمعهما أكثر من 250 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات وآفاق اقتصادية وثقافية ذات أبعاد اجتماعية واعدة تعكسها العديد من المشاريع الاقتصادية الكبرى والمناسبات والمنتديات والمؤتمرات وجمعيات الصداقة والمراكز الثقافية التي كشفت أنشطتها في السنوات الأخيرة دعما لهذا الرصيد الغني وتحفيزا لبناء رؤية إستراتيجية مستقبلية قوامها الاحترام والمصالح المشتركة. وقد أتاحت هذه المباحثات الفرصة أيضا لتبادل وجهات النظر بخصوص العديد من المحاور والإشكالات ذات الطبيعة القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم البلدين. وفي ختام هذا اللقاء الذي حضره سفير دولة الصين بالمغرب، قدم مصطفى فارس درعا تذكاريا لرئيس محكمة الشعب العليا بالجمهورية الصينية وكذا عددا من الإصدارات الهامة لمحكمة النقض، ومنها "وحدة المملكة من خلال القضاء" الذي ساهم في إعداده ثلة من الخبراء القانونيين والقضاة والمفكرين والمختصين في التاريخ والثقافة والأدب والذي يؤكد تلاحم هذا الوطن ووحدة أجزائه وكيانه منذ مئات السنين.