انطلقت مساء اليوم الجمعة فعاليات مهرجان موازين - إيقاعات العالم، ويشارك فيه عشرات الفنانين من مختلف بقاع العالم، ويتصدى للغناء عدد كبير من الفنانين ذوو الصيت العالمي وبكل لغات الدنيا، وأبانت اللحظات الأولى للمهرجان عشق المغاربة للحياة ومباهج الدنيا، ورفضهم للتزمت والانغلاق، وإقبالهم على تذوق الجمال وحس الاطلاع على إبداعات العالم في الموسيقى والأغنية والرقص. مهرجان موازين هو مهرجان الرفض. مهرجان لرفض الرؤية الانغلاقية والنظرة التي لا ترى في الآخر سوى الجحيم، بينما حقيقة الإنسان المغربي أنه يرى الآخر ليس هو الجحيم، ولكنه فرصة للتكامل وتبادل المشترك الإنساني، الذي تساهم في إنجازه كل البشرية لا يعلو واحد على الآخر. بهذا المهرجان يعبر المغرب عن تخلص من النزعة التمامية، التي ترى في المحلي وحده عنوان الخلاص، بينما كل وافد هو خطر على الهوية، ومن الغريب أن يتم اتهام هويتنا بالهشاشة عندما نخاف عليها من التلاقح مع ثقافات العالم ومع باقي الهويات. تعتبر الموسيقى عنصرا أساسيا في حوار الهويات بدل تصادمها، وتكاد تكون اللغة الوحيدة التي يفهمها كل أبناء البشر دون الحاجة إلى ترجمان، وهي طبعا لغة مشتركة يستوعبها الناس بسهولة ويستهلكها أهل الذوق بغض النظر عن انتماءاتهم الفكرية والإيديولوجية والدينية، وما من دين سعا لإلغائها إنما ألغاها الفقهاء المتزمتون الذين يتاجرون بالدن من أغراض دنيوية زائلة، بينما مجدت الأديان الموسيقى ولا أدل على ذلك نزول تعاليم سيدنا داوود عليه السلام على شكل مزامير. موازين هو الميزان الذي نقيس به الانفتاح على العالم والانغلاق على الذات، وقد حاربه كل المتطرفين، حتى بعض ممن يدعون الانتماء للأفكار الحرة، ليس دفاعا عن المال العام كما زعموا لأنه يتم تمويله من المستشهرين، ولكن نكاية في الحياة التي عنوانها الأول الموسيقى، وكثير من المتطرفين يناهضونه أو يسكتون عنه خوفا من اتهامهم بالتزمت لأنهم يوجدون في الحكومة. هذا المهرجان هو الفيصل بين تيارين، الأول يدعو إلى الحياة والانفتاح والبهجة والثاني تيار يستغل البؤس في تأجيج الناس، وبالتالي كل ما يذكره بالحياة يسعى للقضاء عليه.