قال الأستاذ شارل سانت برو، المدير العام لمعهد الدراسات الجيو سياسية بفرنسا، إن التجربة المغربية في مجال محاربة الإرهاب والتطرف العنيف تعد "متفردة" بفضل رؤية ملكية شاملة وناجحة في محاربة الخطر ومواجهة خطاب التطرف على المستوى الوطني والخارجي. وقال سانت برو، خلال مشاركته في أشغال الدورة التاسعة لمنتدى إفريقيا للأمن، المنظم على مدى يومين (9 و10 فبراير الجاري) بمراكش، إنه انطلاقا من هذا المعطى فإن المغرب يعد شريكا أساسيا في محاربة الإرهاب، مضيفا أن المملكة لا تقوم فقط ببذل جهود كبيرة لضمان أمنها الوطني ولكن تقوم أيضا بعمل حاسم في مجال محاربة الإرهاب على الصعيد الدولي في سبيل تحقيق الاستقرار بالعالم. وأشار إلى أن المملكة وضعت محاربة الإرهاب على رأس الأولويات، مسجلا أن المصالح المغربية تواجه بنجاح بفضل جديتها وكفاءتها، التهديد الإرهابي حيث تمكنت من تفكيك العديد من المجموعات الإرهابية المرتبطة بالشبكات الدولية الموالية لتنظيم "داعش" وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي وتنظيمات إرهابية أخرى. وبعد أن ذكر بأن التصدي للإرهاب والتطرف لن يكون فقط عسكريا أو أمنيا، اعتبر هذا الخبير المرموق، أن محاربة إديولوجيا التطرف تتطلب بالأساس بلورة إستراتيجية متعددة الأبعاد، مشيرا إلى أن "الإرهاب الذي تتعرض له العديد من الدول يجد مصدره في العديد من الأسباب من بينها توظيف الدين من قبل أشخاص كآلية للدعاية وتبرير مشروعهم السياسي الثوري". واعتبر أن الحركات المتطرفة أخذت الدين رهينة لغايات سياسية مما يتطلب دحض دعايتهم بالاعتماد على خطاب ديني قوي يروم مقارعة الأفكار بالأفكار، مقترحا في هذا الصدد، القيام بمبادرات ملموسة. واعتبر أن المغرب لديه خبرة معترف بها وعمل فعال في المجال الأمني، ويعتمد خطابا بناء وإستراتجية متميزة في مواجهة التطرف، كما أن المملكة تتوفر على سياسة حاسمة من أجل محاربة الجهل وتأطير الحقل الديني. وأضاف أن تعليم قيم الدين الإسلامي يعد مشكلا حقيقيا لا يمكن معالجته إلا من خلال وضع ورش كبير للتفكير وتشجيع المعرفة بالإسلام الحقيقي القائم على الوسطية. وأبرز المتحدث أن تأهيل الحقل الديني والعمل المنجز بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس يضع المغرب في المقدمة في مجال محاربة التطرف والنهوض بمبادئ الإسلام المعتدل والمتسامح. ويمتد هذا العمل، حسب الأستاذ سانت برو، إلى خارج المغرب وخاصة بإفريقيا، مذكرا في هذا الصدد، بأن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة يعد نموذجا بالنسبة للبلدان الإفريقية ويمكن أن يصبح كذلك بالنسبة للدول الأوربية. كما أشار إلى أن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تعمل على توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين بالمغرب وبباقي البلدان الإفريقية من أجل التعريف بالقيم الحقيقية للإسلام ودحض ادعاءات المفترين الذين يحرفون رسالته النبيلة. وأبرز في هذا الصدد، أن الإستراتيجية المغربية أدمجت في الشق المرتبط بالفكر الإسلامي بعدا اقتصاديا واجتماعيا، مبرزا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس وضع على رأس أولوياته أهداف التنمية الاقتصادية والبشرية. وقال إن هذه المقاربة تقوم على تفعيل الآليات لمحاربة الإقصاء والهشاشة والفقر وفي نفس الوقت اعتماد إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية، مبرزا أنه على المستوى الإقليمي والإفريقي يتيح المغرب أيضا للشعوب الإفريقية آفاقا جديدة للتعاون والتنمية في إطار رؤية طموحة للتعاون جنوب -جنوب. وفي معرض حديثه عن التعاون على المستويين الإقليمي والدولي، أشار المتحدث إلى أن المملكة المغربية أضحت تشكل ركيزة لا محيد عنها ينوه بدورها الفاعلون الدوليون، مشيدا في هذا الصدد، بالتعاون المتميز بين المصالح المغربية والمصالح الأجنبية وخاصة الفرنسية والإسبانية. وقال إن هناك إجماع من لدن الوكالات والمؤسسات الدولية والدول على الاعتراف، بالكفاءة المغربية وأهمية مصالح الاستخبارات المغربية، مبرزا التعاون المتميز والمثمر بين المصالح المغربية ونظيرتها الفرنسية والذي يعد الأكثر نجاعة في العالم. وخلص إلى القول إن دور المغرب في مجال محاربة الإرهاب وصيانة الاستقرار الإقليمي يحظى بالإعجاب من قبل المنتظم الدولي مما يعكس الاستثناء المغربي. ويروم هذا المنتدى، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حول موضوع "التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات بإفريقيا" بمبادرة من المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية بشراكة مع الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإستراتيجية، تسليط الضوء على الحالة الراهنة للأمن بالقارة الإفريقية وكذا على التحديات الكبرى التي يجب على القارة مواجهتها. ويلتئم في هذا المنتدى، حوالي 300 مشارك رفيع المستوى من بينهم مسؤولين مدنيين وعسكريين ومسؤولين عن منظمات دولية وأمنيين وخبراء من إفريقيا وأمريكا وأوروبا وآسيا، بغرض التحليل والمناقشة وتبادل التجارب. ويناقش المشاركون في هذا المنتدى محاور ترتبط بالخصوص ب"إفريقيا في مواجهة التحديات الغير متماثلة وأعداء الحقبة الرقمية" و"الاتحاد الإفريقي في مواجهة تحديات السلم والأمن بالقارة الإفريقية (التهديدات الصاعدة والمخاطر الجديدة للنزاعات)"، و"مكانة الاستخبارات في الهندسة الأمنية لمحاربة الإرهاب" و"الاستراتيجية المغربية في محاربة التطرف العنيف" و"منطقة الساحل والصحراء، عودة التهديد بين الإرهاب المنظم العابر للحدود والمليشيات المسلحة" و"مقاربة النوع في محاربة التطرف والإرهاب" .