قال رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نزار بركة، أمس الأحد بمراكش، إن صاحب الجلالة الملك محمد السادس جعل من تعزيز التعاون جنوب -جنوب والتوجه نحو إفريقيا خيارا استراتيجيا بالنسبة للمغرب. وأضاف بركة، خلال جلسة عامة حول موضوع "التنمية بإفريقيا" في إطار أشغال الاجتماع السنوي لمؤتمر السياسة العالمية في نسخته العاشرة التي اختتمت مساء أمس، أن القارة الإفريقية تزخر بإمكانات هائلة لتحقيق التطور شريطة رفع العديد من التحديات المرتبطة بالأمن والاستقرار والنمو الديمغرافي والتغيرات المناخية والازدهار المشترك. ودعا المسؤول المغربي في هذا الصدد، الدول الإفريقية إلى وضع رأسمالها الطبيعي في خدمة التنمية البشرية وتدارك التأخر في مجال البنيات التحتية وتوسيع الربط والمبادلات بين الدول الإفريقية وتحسين مناخ الأعمال وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي على اعتبار أن 60 في المائة من الأراضي الصالحة للزراعة تتواجد بإفريقيا. كما أبرز أهمية تكوين الشباب الإفريقي من أجل رفع تحديات اقتصاد المعرفة وتمكينهم من الاندماج في النموذج الاقتصادي الجديد. من جهته، أكد رئيس المعهد الإفريقي للاستراتيجيات ووزير الشؤون الخارجية السنغالي السابق شيخ تيديان غاديو، أن انضمام المغرب للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو" سيمكن من تغيير أسلوب عمل هذه المجموعة الاقتصادية وسيتيح للبلدان الأعضاء الاستفادة من خبرته في جميع المجالات. وحذر من أن الإرهاب يجوب القارة الإفريقية التي تبقى مهددة بهذه الظاهرة في ظل عدم توفر البلدان على الوسائل الضرورية للقضاء عليها. وقال في هذا السياق، "نحن في حاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة ظاهرة الإرهاب والتحدي الأمني وتدفق المهاجرين". بدورها، أكدت الوزيرة الأولى السنغالية السابقة أميناتا توري، أن إفريقيا جنوب الصحراء تعد ثاني منطقة في العالم تحقق نموا سريعا بعد آسيا، وذلك بفضل تراجع النزاعات وعودة الاستقرار، مسجلة أنه يتعين أن تصبح الانتخابات الديمقراطية معيارا بإفريقيا. وقالت إن الدول الإفريقية مدعوة إلى تحسين الحكامة وتكريس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مشيرة إلى أن إفريقيا تتغير يوما بعد يوم وخاصة مع بروز قادة أفارقة شباب جدد لديهم رؤية اقتصادية واضحة، قبل أن تخلص إلى القول إن القارة الإفريقية في حاجة إلى نماذج اقتصادية مختلفة. أما الوزير الأول السابق بالبنين والرئيس المشترك لمؤسسة "أفريكا فرانس" ليونيل زانسو، فسجل أن إفريقيا تعد القارة الأقل تضررا من الأزمة العالمية سنة 2008، وهي المرحلة التي حققت فيها القارة إقلاعها. كما أبرز الدور الذي تضطلع به الساكنة الإفريقية في تحقيق النمو المضطرد بالقارة. واستعرض المسؤول البنيني عددا من المشاكل "المشتركة" بين جميع البلدان الإفريقية، ضمنها البطالة والحاجة الملحة لرؤوس الأموال والاستثمارات، والتوسع العمراني الكبير، قائلا "نحن نموذج متفرد حيث أن النمو لا يسهم في تقليص البطالة". وتميز المؤتمر، الذي أقيم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة شخصيات مرموقة وخبراء من مختلف المجالات. وشكل هذا الملتقى فرصة للمشاركين من أجل النقاش والتداول بشأن الرهانات الإقليمية والدولية الكبرى، بغية الإسهام في تحسين الحكامة بمختلف أبعادها، بما في ذلك التفكير، واتخاذ القرار، والمراقبة، لأجل خلق عالم أكثر انفتاحا وأكثر احتراما للتنوع. كما يعد هذا الاجتماع محطة للتفكير المعمق، في جو من النقاش البناء، للخروج بأفكار جديدة وابتكار حلول ناجعة كفيلة بتحسين وتطوير النموذج التنموي لبلدان العالم. وناقش المشاركون في إطار جلسات عامة وورشات، مجموعة من المواضيع همت "مستقبل جنوب شرق أوربا"، و"الاستثمار في إفريقيا"، و"الثقة والحقيقة في العهد الرقمي"، و"الاقتصاد العالمي"، و"مستقبل وسائل النقل .. الربط والحكامة"، و"أمريكا والعالم سنة بعد انتخاب ترامب"، و"الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل البشري"، و"مستقبل التجارة والاستثمارات العالمية"، و"المالية والاقتصاد" و"الطاقة والمناخ" و"الاتحاد الأوربي والعالم" و"التنمية بإفريقيا" و"الأمن بآسيا" و"الشباب الرواد" و"وضعية العالم". يشار إلى أن مؤتمر السياسة العالمية، الذي تأسس سنة 2008 ، يعتبر منظمة مستقلة تهدف إلى المساهمة في تحسين الحكامة في كل تجلياتها بغية النهوض بعالم أكثر انفتاحا وازدهارا وعدلا ويحترم تنوع الدول والأمم.