لم يعد مرض بوتفليقة مجرد حالة بيولوجية ولكن تحول إلى مصدر إزعاج ديبلوماسي للدول التي ترتبط بعلاقات عميقة مع الجزائر، ناهيك عن البلدان التي تربطها بها مجرد علاقات تقليدية، وآخر من غضبوا من هذه الدولة النفطية جمهورية إيران الإسلامية التي ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الجزائر، لكن بعد تأجيل زيارة الدولة التي كان يعتزم حسن روحاني، الرئيس الإيراني، القيام بها، جاء الدور على وزير الثقافة رضا أميري صالحي. الإعلام الإيراني الرسمي وغير الرسمي استاء من طريقة التعامل مع زيارة وزير الثقافة حيث تم تزوير نتائج مباحثاته مع عبد المالك سلال، الوزير الأول في نظام العسكر، وتم الترويج لتوافقات لم تكن ضمن جدول أعمال زيارته المحصورة في التعاون الثقافي بين البلدين، فتم الترويج لقضايا استراتيجية تحتاج إلى مباحثات من مستوى عال.
ما وقع لوزير الثقافة الإيراني مجرد الشجرة التي تخفي الغابة، حيث إن النظام الجزائري اليوم أصبح بدون رأس، إذ أن الرؤوس المتحكمة تبقى دائما مختفية وراء الستار، وتدير أمور البلاد من خلال رئيس مدني، لم يعثروا له اليوم على بديل، ولهذا ما زالوا يتمسكون به في رحلته المتعبة نحو القبر، وفي ظروف لا إنسانية حيث كان مفروضا تركه بعيدا عن الأضواء يموت موتته الطبيعية بدل السخرية من مرضه.
ولم يكن روحاني وحده من أجّل الزيارة إلى الجزائر لاعتبارات تتعلق بمرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولكن قبله كانت أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، قد أصدرت بيانا تقول فيه إنها لن تزور الجزائر في الوقت الراهن لأن رئيس هذه الدولة مريض ولا يتمكن من إجراء محادثات ضرورية في العلاقات الديبلوماسية، ولم تحدد زمنا لزيارة هذا البلد رغم أن المشاكل بين البلدين كبيرة خصوصا ما يتعلق بإعادة المهاجرين غير الشرعيين.
ويكفي أن الوزير الأول الفرنسي السابق لجأ إلى تويتر ليكتب أن زيارته للجزائر كادت تكلفه حياته، ليس بسبب عمل إجرامي ولكن بسبب وجبة عشاء "فاخر" في فندق خمسة نجوم وفي ضيافة سلال، حيث أصيب بتسمم خطير نقل على إثره إلى المستشفى.
هذا هو بلد النفط والغاز وهكذا يعامل ضيوفه من رؤساء الدول والحكومات والوزراء، لا يغادر أحد وهو مرتاح البال من هذا البلد بل لابد أن يتعرض للإزعاج، والسبب هو أن الدولة ليس لها رأس لأن الواجهة المدنية للعسكريين يعيش في غرفة طبية وليس بإمكانه اتخاذ قرارات أو حتى منح توجيهات.