يتخوف العالم من غزو فضائي قد يُدمر الكرة الأرضية ويطيح بها، أو على الأقل يؤدي إلى خسائر فادحة على كوكب الأرض، حيث يؤكدون أن العالم مازال غير مهيأ لمواجهة أي طارئ يأتي من الفضاء كسقوط كويكب صغير أو ارتطام كوكب الأرض بأي جسم آخر في العالم الخارجي. وقرع علماء في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أجراس الإنذار وناقوس الخطر قبل أيام عندما أكدوا أن الكرة الأرضية ما زالت غير مهيأة حتى اللحظة لأي غزو مفاجئ من كويكبات مقبلة من الفضاء، وذلك على الرغم من أن العلماء يتحدثون منذ سنوات عن توقعات بأن يسقط جسم فضائي أو كويكب صغير على الأرض في أي وقت، أو يحدث ارتطام بين كويكب صغير وبين الكرة الأرضية.
ودعا أحد العلماء العاملين في وكالة «ناسا» إلى إيجاد صواريخ اعتراضية على كوكب الأرض للتصدي إلى أي كويكب يضل طريقه نحو الأرض، أو التصدي لأي بعثة فضائية كصاروخ أو مركبة تنحرف عن مسارها وقد تتحول إلى قنبلة مدمرة، مشيراً إلى أن «البشرية ما زالت غير مهيأة للتصدي إلى أي هجوم يأتي من خارج كوكب الأرض».
وقال الدكتور جوزيف نوث، الباحث في «ناسا» والعالم في مجال الفضاء والفلك، في تصريحات نشرتها العديد من وسائل الإعلام الغربية إن «المشكلة الأكبر بشكل أساسي أنه ليس هناك الكثير مما يمكن أن نفعله في هذه اللحظة إذا تعرضنا لأي هجوم».
ورغم أن نوث قال إن من النادر جداً أن تضرب المذنبات والكويكبات الخطرة الكرة الأرضية، إلا أنه حذر من أن التهديد يظل دائماً موجوداً.
ويقول العلماء إن الكثير من المذنبات الخطرة اقتربت في الماضي بشكل كبير جداً من كوكب الأرض، كما حصل عام 1996 وقال العلماء إنه «بشق الأنفس تجاوز كوكب الأرض ولم يرتطم به متجهاً نحو المشتري» أما في العام 2014 فان مذنباً آخر اقترب من كوكب الأرض بشكل كبير قبل أن يغادر في اتجاه المريخ.
كما يؤكد نوث أن أغلب التهديدات التي تتعرض لها الكرة الأرضية من الفضاء الخارجي يتم اكتشافها في وقت متأخر جداً، لا يتيح اتخاذ أي إجراءات للحماية منها.
ويتابع: «إذا نظرنا إلى جدول إطلاق المركبات الفضائية الموثوقة والمدروسة نجد أننا بحاجة لخمس سنوات من الاعداد حتى نقوم بإطلاق مركبة فضائية» بينما نستطيع الإنذار بوجود خطر آت من الفضاء قبل 22 شهراً فقط، وهو ما دعا نوث إلى التوصل لنتيجة مفادها أن العالم غير متأهب للتصدي إلى أي خطر قادم من الفضاء الخارجي.
ووجه نصيحة لوكالة «ناسا» الأمريكية أن تقوم ببناء صواريخ اعتراضية إلى جانب منصات المراقبة والمركبات الفضائية، مشيراً إلى أن هذه الفكرة يمكن أن تخفض الوقت اللازم للإطلاق إلى النصف، أي إلى عامين ونصف العام بدلاً من خمس أعوام، وهي مدة أفضل بكثير في عملية التصدي للأخطار الخارجية التي تواجه كوكب الأرض.
كما يلفت نوث إلى أن الصواريخ الاعتراضية يمكن تطويرها لاحقاً لتنخفض المدة اللازمة للإطلاق إلى عام واحد بدلاً من عامين ونصف العام، وهو ما يمكن أن يخفض إلى درجة كبيرة من احتمالات ارتطام الأرض بكويكب فضائي قادم من مكان يصعب مراقبته مثل الشمس.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُحذر فيها علماء الفضاء والفلك من ارتطام الكرة الأرضية بكويكبات ومذنبات وأجسام آتية من الفضاء الخارجي، ففي شتنبر الماضي حذر المدير العام لمكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا الأمريكي جون هولدرن الذي يعمل أيضاً كمستشار للرئيس باراك أوباما، من «اصطدام قد يؤدي إلى أضرار كبيرة في كوكب الأرض».
ولفت الخبير هولدرن إلى حدثين كارثيين في التاريخ الحديث أذهلا العالم وشكلا مفاجأة بالنسبة للبشر، أما الأول فكان في العام 1908 وهو الكرة النارية التي أطلق عليها العلماء اسم «تونغوسكا» فيما كان الثاني في العام 2013 وهو الهجوم الفضائي الذي أطلق عليه العلماء اسم (Chelyabinsk).
وقال: «نحن لسنا مهيأون تماما لكننا نسير على الطريق الصحيح ولدينا الكثير لنفعله» في إشارة إلى أن البشرية تعمل من أجل التحوط من أي هجوم قادم من الفضاء على الكرة الأرضية.
ويؤكد هولدرن إن أحداثاً كتلك التي شهدها الكون في 1908 وفي العام 2013 هي أمور نادرة الحدوث بشكل كبير، ونحن نعتقد حالياً أنها يمكن أن تحصل مرة واحدة كل 100 سنة، وفي المستقبل قد تحصل مرة واحدة كل ألف سنة.
ويخشى العلماء من كويكب يُدعى (Bennu) يمر في مدار الأرض مرة واحدة كل 6 سنوات، حيث يقولون إنه يشكل خطراً على الكرة الأرضية وإنه يمكن أن يصطدم بكوكب الأرض بعد سنوات في حال حدوث تغير ما في مداره.
وقال العلماء في منتصف العام الحالي 2016 إن من المتوقع أن يمر الكويكب بين القمر والأرض، وثمة مخاوف من أن يتأثر مدار الكويكب بالجاذبية عندما يعبر المدار الأرضي ليشكل خطرا على كوكبنا الحالي.
وقال دانتي لوريتا، أستاذ علم الكواكب في جامعة أريزونا الأمريكية «إن مرور الكويكب (Bennu) بين القمر والأرض سيؤدي إلى إضعاف مدار الكويكب ليضعه على مسار الأرض في وقت لاحق من هذا القرن، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى حدوث معاناة هائلة وحالات موت كثيرة».
ومن الصعب على علماء الفلك التنبؤ بكيفية تأثر مدار الكويكب عند المرور بين القمر والأرض، ولكن ثمة تقديرات من دانتي بأن من الممكن أن يتحول مسار هذا الكويكب إلى مواجهة تصادمية مع كوكبنا.
يُذكر أن (Bennu) يدور حول الشمس بسرعة تصل إلى 63 ألف ميل في الساعة، والتأثير الذي يمكن أن يحصل جراء اقترابه واصطدامه بالأرض يشبه وضع حوالي 3 مليارات طن من المتفجرات.
وأعربت وكالة «ناسا» عن قلقها الكبير تجاه خطر هذا الكويكب، لذا تنوي إرسال مسبار إلى سطح الكويكب (Bennu) من أجل تحليله، حيث تم تجهيز مركبة فضائية من المفترض أن تهبط على سطحه عام 2018.
ومن المقرر أن يتم جمع عينات من الصخور خلال سنة كاملة قبل أن تعود إلى الأرض عام 2023، وفي حال نجاح المهمة ستكون هذه أول رحلة ذهاب إلى كويكب مع العودة إلى الأرض.
وكانت «ناسا» حذرت في العام 2015 من أن كويكبا عملاقا سيمر بمحاذاة الكرة الأرضية، وأوضحت أن حجم الكويكب يعد الأكبر الذي يمر قرب الأرض منذ عقود.
وبلغت سرعة الكويكب حينها نحو 40 ألف ميل في الساعة، وذكرت الوكالة أنها لا تستطيع تحديد حجم الكويكب بدقة، لكنها تقدر أنه يتراوح بين 0.7 و 1.6 ميل مربع، لكنها أشارت إلى أنه أكبر ب15 مرة من الكويكبات التي يرصدها رادار «ناسا» حاليا.
وذكرت أنه في حال اصطدام الكويكب في الأرض، فإنه لن يسفر عن خسائر كبيرة، وذلك رغم أن حجمه المقدر يبلغ ربع جبل إيفريست.
وفي العام 2014 حذر خبراء من أن اصطدام كويكب ضخم بالأرض قد يؤدي إلى مقتل 1.5 مليار إنسان، وخصص العلماء حينها يوما كاملاً من أجل التحذير من المخاطر الناجمة عن اصطدام الكويكبات بالأرض.