قال الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، إن المؤتمر العام الرابع عشر لمنظمة العواصم والمدن الإسلامية "مناسبة لاستحضار المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقنا من أجل العمل، كل من موقعه، على خلق نموذج حضاري أساسه التنمية المستدامة للجميع". وأضاف الشرقي الضريس، في كلمة ألقاها اليوم الثلاثاء بمدينة الرباط، خلال افتتاح أشغال المؤتمر العام الرابع عشر لمنظمة العواصم والمدن الإسلامية، والندوة العلمية الدولية الثانية عشر المصاحبة له حول موضوع "تقنيات التنمية المستدامة للمدن" الذي تحتضنه العاصمة الرباط على مدى ثلاثة أيام، أن المؤتمر "يشكل، أيضا، فرصة لمناقشة أنجع المقاربات الكفيلة بتمكين مدننا من المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، وتدارس كيفية اعتماد سياسات ذكية للتخطيط الحضري من أجل تطوير نموذج لمدن خضراء يضع في صلب اهتماماته التوجه نحو الطاقات المتجددة".
وأبرز الأهمية التي يكتسيها هذا المؤتمر بالنسبة للحواضر الإسلامية والمنظمات والهيئات الدولية المتخصصة المشاركة، خاصة وأنه ينعقد في ظرفية يواجه فيها العالم تحديات التغيرات المناخية وانعكاساتها السلبية على حياة ساكنة المدن، مؤكدا أن نجاح التعاون والتنسيق البناء بين المدن الإسلامية، بهدف تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، لا يقتصر على تعبئة الوسائل والآليات التقنية والقانونية والمالية الضرورية، بل يقتضي بالأساس إحداث تحول جذري في أساليب ومناهج التفكير والعمل، وذلك بالعمل على بلورة مناهج عملية وعقلانية في مجال تقنيات التنمية المستدامة بالمدن الإسلامية، والانخراط الجاد والفعال ضمن شراكات مؤسساتية، وابتكار الوسائل الكفيلة بتعميم الاستفادة من التجارب المتميزة وإشاعة مبادئ الحكامة والمسؤولية في مجال التنمية المستدامة.
وجدد الالتزام القوي للمغرب لمواصلة الجهود من أجل البحث عن الحلول الملائمة والعمل على تبادلها مع كل الأطراف المعنية والتعاون بشأن تفعيلها على أرض الواقع، وذلك إدراكا منه بأهمية تحقيق التنمية المستدامة بالمدن الإسلامية.
من جهة أخرى، ذكر الشرقي الضريس برهانات النهوض بأوضاع المدن التي عمل المغرب على إدراجها في صلب الاستراتيجيات الوطنية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة، وذلك تفعيلا للسياسة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من خلال مشاريع كبرى مهيكلة أضحت نموذجا يحتذى به على المستوى العالمي، لعل من أبرزها محطة "نور" للطاقة الشمسية الحرارية التي تعد سابع محطة في العالم بعد المحطات الخمس الأمريكية ومحطة "سولابين" الإسبانية، التي تبلغ طاقتها الإنتاجية الإجمالية حوالي 580 ميغاواط .
وينضاف إلى هذا المشروع المغربي الضخم، يقول الضريس، مشروع الطاقة الريحية بمدينة طرفاية في الصحراء المغربية، حيث يرتقب أن ترفع مساهمة الرياح في الإنتاج الوطني للكهرباء من 3 بالمائة حاليا إلى 14 بالمائة في أفق 2020، بالإضافة إلى تشييد عدة محطات لإنتاج الطاقة الريحية بكل من مدن الصويرة وطنجة والعيون، ومحطات أخرى انخرطت فيها شركات صناعية من أجل تلبية حاجياتها الخاصة من الكهرباء، وذلك في إطار الاستراتيجية الطاقية الوطنية الهادفة إلى توفير قدرة دنيا تبلغ 2000 ميغاوات في أفق 2020 وبلوغ نسبة 52 بالمائة من الطاقات المتجددة لسد الحاجيات الوطنية بحلول سنة 2030.
وذكر بانخراط المغرب في تفعيل الأهداف التي تم رسمها في مؤتمري ريو لسنتي 1992 و2012، ومؤتمر جوهانسبورغ لسنة 2002 في مجال التربية على التنمية المستدامة، وذلك من خلال مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة التي ترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، والتي وضعت مجالي التوعية والتربية على التنمية المستدامة في صلب المهام التي تضطلع بها.
وأبرز الوزير أن المملكة واعية بأن تحقيق أي نمو اقتصادي واعد رهين بنهج سياسة إرادية قائمة على تعبئة الطاقات وتكريس كل الجهود المحلية لضمان تنمية مستدامة متوازنة أساسها الإنسان، وقوامها الترابط بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإيكولوجية، مشيرا، في هذا الصدد، إلى المجهودات الجبارة التي بذلتها السلطات العمومية من أجل إدماج بعد التنمية المستدامة في مختلف برامج عملها، سواء في مجالات التطهير السائل، والتطهير الصلب، ومراكز طمر وتثمين النفايات، أو في مجال مراقبة جودة الهواء والعناية بالشواطئ، والمجالات البيئية والإيكولوجية، حيث قامت ببلورة مخططات تروم الرفع من مستوى الربط بشبكة تطهير السائل إلى 80 بالمائة بحلول سنة 2020 وإلى 90 بالمائة بحلول سنة 2030، والرفع من نجاعة عملية جمع النفايات والنظافة بالحواضر إلى مستوى 90 بالمائة بدلا من 70 بالمائة في أفق 2020، وإغلاق جميع المطارح غير المراقبة مع تعميم مراكز الطمر وتثمين النفايات على صعيد كافة المراكز الحضرية في أفق 2022.
وأكد سعي المملكة على تفعيل أهداف الوثيقة الختامية لمؤتمر الأطراف "كوب 22" الذي انعقد بمدينة مراكش، والذي أوصى بضرورة الالتزام بنهج استراتيجية شاملة في المجال البيئي بشراكة فعلية مع الساكنة واعتماد التحسيس والتربية كدعائم أساسية من شأنها أن تساهم في إنجاح الانتقال نحو طرق وأساليب مستدامة للعيش والاستهلاك والإنتاج.
حضر أشغال افتتاح المؤتمر العام الرابع عشر لمنظمة العواصم والمدن الإسلامية، رئيس الحكومة، وعدد من أعضاء الحكومة المنتهية ولايتها، والسفراء المعتمدون بالمغرب، وأمين عام منظمة العواصم والمدن الإسلامية، وأمين العاصمة المقدسة مكةالمكرمة،ورؤساء المدن الإسلامية، ورؤساء الجماعات المغربية.