موازاة مع المشاريع المهيكلة والأوراش الكبرى التي تشهدها مدينة طنجة، والتي تروم تعزيز جاذبية هذه الوجهة كثاني قطب اقتصادي وصناعي بالمملكة، محفز على الاستثمار وجاذب للراسميل، تشهد وتيرة تفعيل المشاريع ذات الوقع الاجتماعي بالمدينة وتيرة متنامية لضمان تنمية مستدامة مندمجة ومتوازنة، تضع الفرد ورفاهيته في صلب الاهتمام. وهكذا، وانسجاما مع هذا التوجه، تستفيد المدينة من برنامج طموح أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في 26 شتنبر من سنة 2013، هو برنامج "طنجة الكبرى"، الذي تمت بلورته وفق مقاربة مجددة من حيث أفقية واندماج وانسجام التدخلات العمومية، يأخذ بعين الاعتبار العناصر الأساسية المهيكلة لمدينة كبرى تتجه نحو المستقبل، ألا وهي البيئة الحضرية لضمان جودة الحياة، والبيئة الاجتماعية لتثمين الثروة البشرية، والبيئة الاقتصادية لتطوير مؤهلات وخبرات المدينة، والبيئة الثقافية من أجل ترسيخ الهوية وقيم الانفتاح التي تزخر بها المدينة، مع تثمين إرثها.
ويتعلق الأمر أيضا بتعزيز مناخها الروحي لإيلاء ممارسة الشعائر الدينية المكانة اللائقة بها في المجتمع. ويتضمن هذا البرنامج الطموح في شقه الاجتماعي إحداث مراكز للشباب والأطفال، وأخرى لتقوية قدرات النساء، فضلا عن عروض اجتماعية جديدة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الحركية المحدودة.
وتعززت المشاريع الاجتماعية المبرمجة أو المنجزة في هذا الصدد، اليوم الاثنين، بإشراف جلالة الملك على إطلاق وتدشين عدد من المراكز الاجتماعية الرامية إلى النهوض بالأوضاع السوسيو- اقتصادية للنساء وحماية الأطفال المنحدرين من أوساط معوزة، تتمثل في مركز لتربية وتكوين المرأة بحي مغوغة الكبيرة، ودار للمرأة النشيطة بحي بئر الشفا ببني مكادة، ودار للطفولة بحي المنظر الجميل بمغوغة، ومركز لحماية الأمهات في وضعية صعبة بحي البرانس، ودار للطالبة بحي مغوغة الكبيرة. وقد أنجزت هذه المشاريع بفضل شراكة بين مجموعة من المتدخلين وخاصة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعمالة طنجة- أصيلة، والجماعة الحضرية لطنجة، والتعاون الوطني والتكوين المهني ووزارة الصحة ووكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم الشمال.
وستساهم هذه المراكز في دعم النساء المنحدرات من أوساط معوزة، عبر تمكينهن من مهارات مختلفة، وتمكينهن بالتالي من الحصول على مداخيل قارة، وكذا تمكينهن من استقرار اجتماعي أكبر واندماج اقتصادي موفق، وتأمين والدعم النفسي والسيكولوجي للأطفال في وضعية صعبة، والمشاركة في جهود حماية الأطفال من العنف، والإعلام والتربية والتحسيس بحقوق الأطفال، وتقديم الدعم الاجتماعي والنفسي والتوجيه القانوني الضروري للأمهات في وضعية صعبة، والتكفل بهن وبأطفالهن في أفضل الظروف، ومحاربة الهدر المدرسي لدى الفتيات، لاسيما فتيات العالم القروي أو اللواتي ينحدرن من أسر معوزة.
والأكيد أن هذه البنيات الاجتماعية ستساهم في التخفيف من مظاهر الهشاشة الاجتماعية على مستوى مدينة طنجة، وستعزز من الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية والأنشطة المدرة للدخل ومشاريع التنشيط الثقافي والرياضي، والتي تنجز وفق مقاربة تشاركية تعتمد التشخيص والتتبع والتقييم كآليات لترسيخ الحكامة في تدبير مشاريع هذا البرنامج الطموح.
كما أنها تعكس الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك لتنمية العنصر البشري، لاسيما النساء والشباب، وعزم جلالته الوطيد على تمكين جميع شرائح المجتمع من وسائل وآليات الاندماج السوسيو- اقتصادي، سعيا إلى تمكينهم من المشاركة الفاعلة في تنمية بلدهم. وهكذا فإن برنامج طنجة الكبرى، تجسيد لرؤية ملكية من أجل تنمية مندمجة ومتوازنة وشاملة لمدينة البوغاز، وضع ليكون نموذجا حضريا غير مسبوق في المغرب وبالضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.