في الوقت الذي تفقد فيه "البوليساريو" مصداقيتها أكثر من أي وقت مضى بسبب الفساد المستشري وممارسة القمع تجاه أي صوت معارض، تبدو حكومة الأقلية في السويد فاقدة لبوصلتها الجيوسياسية عبر التموقع كمعاكس لمسلسل التسوية الأممية في الصحراء.
وتتجه الحكومة السويدية، من خلال مشروع القانون الذي يهدف إلى الاعتراف بالجمهورية الصحراوية المزعومة، الى مباركة غير متوقعة للانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان التي ترتكب دون أن يطالها العقاب، ضد سكان احتجزوا كرهائن في مخيمات تندوف بالجزائر.
ويشكل هذا التوجه انحرافا دبلوماسيا يضرب عرض الحائط معاناة آلاف الأسر المبعدة منذ عقود عن وطنها الأم المغرب.
وفي هذا الصدد، عبر معاذ الجماني، ممثل جمعية القبائل الصحراوية المغربية في أوروبا، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن الأسف الشديد لكون مشروع القانون هذا "بمثابة ضوء أخضر للانفصاليين لمواصلة انتهاكاتهم ضد ساكنة محتجزة رغما عنها بتواطؤ من النظام الجزائري الشمولي".
وتساءل الفاعل الجمعوي المقيم بالسويد "هل ستكون الحكومة السويدية مرتاحة الضمير عند منحها الشرعية، بدون أسس قانونية ولا أخلاقية، لقادة منظمة على المنوال الستاليني تلطخت أيديها بدماء الصحراويين؟".
واعتبر الجماني أن السويد التي طالما نظر إليها كنموذج ديمقراطي يقوم على الشفافية واحترام حقوق الإنسان، قد تضر، مع هذا الانحراف، بصورتها وسمعتها.
وأكد أن هناك أدلة دامغة من ضمنها تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الغش الذي تطرق إلى استخدام أموال الاتحاد الأوروبي وسلط الضوء على تحويل ممنهج للمساعدات الإنسانية المخصصة للمحتجزين في تندوف، التي يديرها قادة البوليساريو بتواطؤ مع مختلف الأطراف الجزائرية.
وأشار إلى أن مداخيل هذا النظام المافيوزي وظفت من أجل شراء فيلات في جنوب أوروبا، وذلك بحسب المنظمة غير الحكومية الافريقية للعمل الدولي لتعزيز التنمية.
من جهتها، اعتبرت ادريسية بنزليحة رئيسة جمعية الأندلس للنساء المغربيات في السويد، أنه "من غير المقبول ربط مصير السكان المحتجزين في تندوف بإدارة انفصاليين فاسدين، والتي تقوم بتحويل المساعدات الإنسانية ولا تتردد في بيعها في السوق السوداء بالبلدان المجاورة، ناهيك عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الأساسية".
وقالت بنزليحة، في تصريح مماثل، إنه "مما شك فيه أن الاعتراف بكيان لا يوجد إلا في رؤوس أولئك الذين يستمرون في بيع الأوهام منذ أمد طويل، هو خطأ سياسي خطير".
ومع ذلك، تؤكد الناشطة الجمعوية، أن المكان الطبيعي للبوليساريو، الذي لم يعد ارتباطه باللحركات الإرهابية سرا، ليس الا على القائمة السوداء للإرهاب، مثلما فعلت اليابان.
وبحسب الجماني فإن مبادرة ستوكهولم غير مرحب بها خاصة أنها تأتي في وقت تعاني فيه افريقيا بشكل كبير من ويلات الإرهاب وبالتالي "لا يمكن إلا أن تشكل تهديدا لأمن منطقة الساحل بكاملها، وكذا منطقة البحر الأبيض المتوسط .
يذكر أن ما يسمى بنزاع الصحراء "الغربية" هو نزاع مفروض على المغرب من قبل الجزائر، التي تمول وتحتضن فوق أراضيها بتندوف الحركة الإنفصالية (البوليساريو).
وتطالب (البوليساريو)، وهي حركة انفصالية تدعمها السلطة الجزائرية، بخلق دويلة وهمية في منطقة المغرب العربي. ويعيق هذا الوضع كل جهود المجتمع الدولي في تحقيق اندماج اقتصادي وأمني إقليمي.