"إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت"، هذا هو الحديث النبوي الذي يسري على حكام الجزائر، ومن خلالهم وزراء بوتفليقة الذين يتقنون لعب الادوار التي انيطت بهم من طرف المخرجين الحقيقيين للمسلسل التراجيدي الجزائري الذي لا يريد ان ينتهي، على غرار الافلام المكسيكية الطويلة والمُملّة.. منسابة ذكر هذا الحديث، هو ما قاله الوزير الأول عبد المالك سلال، خلال ندوة صحفية أول امس الخميس على هامش افتتاح أشغال الدورة الثانية للجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الفرنسية رفيعة المستوى، حيث أكد(بلا حشمة بلا حياء) إن بلاده هي المسؤولة عن استِتباب الأمن في تونس وهي الآن بصدد تهدئة الوضع بكل من مالي وليبيا، مضيفا "لقد قررنا الآن تصدير الحوار الشامل من اجل الامن بالمنطقة..." !!
كلام سلال لا يمكن ان يصدقه أي عاقل، ولا نظن ان المسؤولين بالاليزيه ستنطلي عليهم الحيلة وهم اساتذة سلال وأمثاله. وقد انتبه الوزير الاول الجزائري إلى ذلك من خلال دعوته للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للقيام بزيارة إلى الجزائر "ليتأكد بنفسه أن بوتفليقة قادر على الاستمرار في الحكم .."، وذلك ردا على أسئلة الصحافيين الفرنسيين المهتمين بأوضاع الجزائر في ظل انسحاب بوتفليقة من المشهد بسبب المرض..
كما ان كلام سلال ليس إلا ذرّاً للرماد في العيون، إذ ان الجزائر لم تتمكن حتى من استثبات الامن والاستقرار داخل أراضيها وبالأحرى تصديره إلى جيرانها.. كان أجدر بسلال ان يقول ان الجزائر هي التي تساهم منذ سنين في تردي الوضع الامني بالمنطقة من خلال تواطئها مع العصابات الارهابية في تندوف وفي شمال مالي والنيجر، بل إن تقارير استخباراتية دولية اكدت ان ما يقع في الجنوب الجزائري وفي المناطق التي تنشط فيها الجماعات المتشددة، غير بعيد من خطط النافذين في السلطة بالبلاد، التي بفصلها يؤمنون الاستمرار في مواقعهم وذلك من خلال تخويف المواطنين "التهديدات الارهابية" وكذا ابتزاز الدول العظمى بهذا "البعبع" من أجل مساندة نظام العسكر ضد "الارهاب والتطرف" وضد الشعب الذي يطالب بالتغيير من مدة..
وإذا كانت هذه الخطة قد نجحت إلى حد ما في السنين الماضية، وهو ما اتضح من خلال إعادة تنصيب رئيس مريض ومشلول على رأس البلاد ضدا على رغبة الشعب وطموحاته في التحرر، فإن الامر لم يعد يجدي في شيء اما التطورات التي طرأت إن على المستوى الجهوي او الدولي، كما ان ذلك لن ينجح في اقناع الشعب ومعه المعارضة وتثبيط عزمهم على مواصلة النضال للتخلص من أدران الطغمة العسكرية المتعفنة الذي ادت سياساتها المتتالية منذ اكثر من نصف قرن إلى شل البلاد وجعلها على شفة حفرة من الانفجار، رغم توفرها على ثروات نفطية كبيرة..
على سلال ان يلتفت إلى ما يقع في القبائل وفي غردابة ببلاد المزاب وفي "تقرت" وباقي المناطق المشتعلة بسبب السياسات الفاسدة للعسكر والمخابرات، وذلك قبل ان يقدم على اختلاق اكاذيب لن يصدقها حتى الجالس على كرسي الرئاسة بقصر المرادية..