أظهر المغاربة تضامنا كبيرا مع القرار الذي اتخذه المسؤولون وتشبثهم بطلب تأجيل تنظيم كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2015، تخوفا من الانتشار السريع لفيروس ايبولا, حيث اعتبروا انه "لن توضع الأمة في خطر لإرضاء للاتحاد الأفريقي". وقرر الاتحاد الأفريقي بداية هذا الأسبوع سحب تنظيم أمم أفريقيا 2015 من المغرب بعدما أكد الأخير السبت الماضي أنه متشبث بقرار الإبقاء على طلبه بتأجيلها من 2015 إلى 2016 لأسباب صحية تتعلق أساسا بالخطر الذي صار يشكله فيروس إيبولا.
واستبعد الاتحاد الأفريقي أيضا المنتخب المغربي من المشاركة, فيما تداولت وسائل الإعلام المغربية الأربعاء الحديث حول العقوبات التي ستلحق بالمغرب جراء عدم تنظيمه البطولة.
لكن رغم الحديث عن العقوبات وما يمكن أن يخسره المغرب جراء عدم تنظيمها, بدا الشارع المغربي, في أراء مختلفة أقرب إلى مساندة قرار السلطات المغربية من التحسر على عدم تنظيم المسابقة.
ويعلق محمد ايسلي, وهو موظف في الخمسينيات, على ما يجري وهو يقرأ الصحيفة ويحتسي قهوته في أحد مقاهي وسط العاصمة الرباط, أن "المغرب مستعد لتحمل العقوبات, لكن صحة المواطنين المغاربة أهم من ذلك وتأتي في المقام الأول".
من جانبه, اعتبر محمد أمتاغ, وهو عامل اصلاحات (28 سنة) أن "للطلب المغربي ما يبرره تماما, لأنه لا يوجد لقاح ضد هذا المرض في الوقت الراهن, أما المنافسة الرياضية ستنتهي, لكن العواقب الصحية المترتبة عنها ستكون دائمة".
وفي هذا الصدد، قال مصطفى حجي, مساعد المدرب بادو الزاكي، في تصريح للإعلام المحلي إن "صحة الشعب أمر بالغ الأهمية" والمغرب "أحسن فعلا" حينما تشبث بقرار التأجيل.
والمغرب من البلدان القليلة إن لم يكن الوحيد, الذي حافظ على رحلاته الجوية مع الدولية الأفريقية الرئيسية التي ينتشر فيها فيروس ايبولا بشكل واسع وهي ليبيرياوغينيا وسيراليون.
لكن المسؤولين المغاربة يفرقون بين العدد القليل للمسافرين الوافدين الى المملكة الذين "يمكن التحكم في مراقبتهم الصحية", وبين العدد الهائل المتوقع حضوره لمشاهدة المباريات ما دفع المغرب لطلب التأجيل رسميا في 10 اكتوبر الماضي, التزاما بتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وما يفسر "تعنت" الاتحاد الأفريقي بحسب محمد أمتاغ هو كون المغرب "يفتقر إلى وزن قوي في مثل هذه المنظمة الرياضية الأفريقية".
من جانبه يوافق حميد الشعبي, وهو مدرس يطالع الصحف وسط العاصمة الرباط, على رأي أمتاغ, حيث يعتبر أن "هناك بالتأكيد لوبيات دفعت الاتحاد الافريقي لاتخاذ مثل هذا القرار".
ويرى ان "اقتراح المغرب كان معقولا بالنظر إلى الخطر الناجم عن وباء إيبولا", الذي حصد حتى الأن ما يقرب من 5 الاف ضحية.
ويضيف هذا الرجل الخمسيني تفسيرات أخرى للموقف المغربي ومن بينها "الوضع الأمني الصعب الأن مع تهديدات داعش (تنظيم الدولة إلاسلامية)" كما يقول, في إشارة إلى الأخطار التي يشكلها تدفق المسافرين والتجمعات الجماهيرية في الوقت الراهن.
ويعتبر هذا المواطن المغربي أنه في بلد تشكل فيه السياحة 10% من الناتج المحلي الإجمالي, فإن احتضان كأس أفريقيا وإمكانية ظهور ايبولا في المغرب "يمكن أن يكون له تأثير سلبي على السياحة الدولية".
وبالنسبة له "إذا سمع الناس أن فيروس ايبولا قد انتشر في المغرب, فإننا سنكون قد خسرنا أكثر من الإلغاء" أو التأجيل الذي طلبه المغرب, حيث يخلص الى أنه "لا يجب أن نضع الأمة في خطر لإرضاء الاتحاد الإفريقي".
ويحتضن المغرب في 19 الحالي, كما سبق له أن فعل من قبل, احدى مباريات غينيا ضمن التصفيات النهائية لكأس الامم ألافريقية 2015 بسبب إيبولا.
واحتضان مثل هذه المباريات رغم تهديد خطر ايبولا هو امر "استثنائي" بالنسبة لحميد الشعبي الذي يعتبر أن الأمر يتعلق ب"شعب شقيق".
ويؤكد الشعبي على ضرورة تقديم المغرب "كافة الحجج إلى الأفارقة, كما أن عليهم تقبل الحجج الواضحة والمنطقية من المغرب", من اجل تجنب سوء التفاهم الذي قد ينتج عن قرار المغرب الأخير.
أما محمد أمتاغ المشجع الوفي لمنتخب أسود الأطلس, فيتحدث بروح رياضية عن المستقبل, حيث يقول إن "منتخبنا يلعب غدا (الخميس) مباراة ودية ضد بنين وأمل أن يتابعها كل المغاربة حتى لو لم يعد الهدف من المشاركة في كأس أفريقيا قائما".
ورغم أن المنتخب المغربي شهد عددا من النكسات على مستوى نتائجه خلال مشاركاته الخيرة في امم أفريقيا, إلا أن هذا الشاب ما زال متفائلا حيث يرى أن "هناك الكثير من السنوات أمامنا وسنركز على إعداد منتخب جيد, سواء اليوم او غدا".