سؤال محير يكتسي كامل مشروعيته في اللحظة الراهنة أخذا بعين الاعتبار نص القرار 2152 الصادر عن مجلس الأمن نهاية أبريل الماضي و الذي يمدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة ويطلب من الأمين العام الأممي بان كي مون تقديم إحاطات منتظمة مرتين على الأقل إلى رئيس مجلس الأمن حول سير المفاوضات التي تتم تحت إشراف مبعوثه الشخصي كريستوفر روس . كريستوفر روس الذي يفترض أن يرفع تقريرا أوليا الى مجلس الأمن قبل نهاية أكتوبر المقبل ما زال مترددا في زيارة المنطقة ضمن برنامج الجولات المكوكية التي أعلن عنها في وقت سابق , آلة البروباغندا المناهضة للمغرب إستغلت هذا التعثر لتوهيم الرأي العام الدولي بأن الرباط لا تلتزم بقرارات الأممالمتحدة و ترفض إستقبال المبعوث الشخصي لبان كي مون .
الخلاف المزعوم بين المغرب والأممالمتحدة يظل واقعا غير قابل للتجاهل أو الانكار , فالرباط تتابع بامتعاض وقلق ما يحدث من مستجدات سياسية على صلة بتدبير الأمانة العامة للأمم المتحدة لملف النزاع في الصحراء و تطلق بين الفينة و الأخرى تصريحات ومواقف تعبر عن هذا الانشغال .
المغرب لا يفوت فرصة لتجديد إنخراطه القوي في العملية السياسية لتسوية النزاع المفتعل لكنه يتشبث بأن تمر نفس العملية في ظل حياد الأمانة العامة للمنظمة الأممية وحياد بعثة المينورسو ووضوح الرؤية في مسار المفاوضات وشفافية الوساطة، حتى يكون الخطاب الصادر عنها، سواء في الرباط أو الجزائر أو تندوف أو نيويورك متطابقا، وبالتالي، تفادي ازدواجية الخطاب التي تؤدّي إلى التوتر وتآكل الثقة و تهدد أسس عملية التسوية السياسية .
الأمين العام بان كي مون عين قبل أشهر الكندية كيم بولدوتش في منصب رئيسة لبعثة المينورسو، خلفا للألماني فولفغانغ فايسبرود، الذي انتهت ولايته في شهر يوليو 2014، دون التشاور مع الرباط كما جرت العادة.
بولدوتش لم تتسلم لحد الساعة مهامها في العيون عاصمة الأقاليم الصحراوية المسترجعة مما يعني ضمنيا حالة الجفاء غير المعلن بين الرباط و محيط السيد بان كي مون .
من المرجح أن السيد كريستوفر روس يبحث حاليا عن توليفة جديدة لاطلاق مسار المفاوضات في نسختها الخامسة لكنه قبل ذلك يتعين عليه ضمان شروط و ظروف نجاح زيارته للمنطقة التي لن تتحقق في ضوء المستجدات السابقة الذكر .
روس يدرك أن الرباط تملك سلاحا سياسيا قويا بيدها يعيد الى الأذهان قرارها السيادي في وقت سابق سحب ثقتها من وساطته الشخصية , و سيناريو إعتراض جديد على مهمته سيقوض مستقبلا صلاحياته و قد يؤشر على نهاية حتمية لمهمة بعثة المينورسو الأممية .
بان كي مون و كريستوفر روس لا يملكان من حلول راهنة سوى إمساك العصا من الوسط و التحلي بحد أدنى من الحياد و الموضوعية لاطلاق مسلسل المفاوضات المتعثرة .
و دور العواصم الملتئمة ضمن مجموعة أصدقاء الصحراء يظل مطلوبا و أساسيا في الظرف الراهن .
هل سنتوقع في الأيام القليلة المقبلة تدخلا من محور واشنطن /باريس /مدريد و موسكو لاعادة قاطرة المفاوضات الى سكتها الصحيحة ؟
المقاربات المتوفرة لا تحتمل بديلا آخر كفيلا بتعبيد الظروف و إزاحة الحواجز التي تعترض مسعى روس لاستئناف مهام الوساطة بالمنطقة و حمل جميع الأطراف المعنية بالانخراط فيها بحماس و مسؤولية.