لم تكن الرسالة التقليدية التي وجهها رئيس حكومة جبل طارق، فابيان بيكاردو بمناسبة حلول العام الجديد بالعادية، إذ تضمنت تصريحات ألقاها بنبرة مشحونة بمشاعر الغضب والقلق إزاء الإجراءات التي اعتمدتها حكومة مدريد في العام الماضي عند المعبر الحدودي للمستعمرة البريطانية وفي المياه المحيطة بها. فقد جدد بيكاردو في رسالته التي بثتها القناة العمومية المحلية بجبل طارق (جي بي سي) مساء أمس الثلاثاء، رفضه القاطع للإجراءات المشددة التي حرصت السلطات الإسبانية على تنفيذها عند بوابة جبل طارق منذ مستهل الصيف الماضي واعتبرها "لاقانونية وغير متناسبة وتستجيب لدوافع سياسية، بل وغير مبررة كما أكدت ذلك المفوضية الأوربية". وقال في هذا الصدد "لقد عانينا سنة 2013 من الطوابير الطويلة واللاقانونية ومن الإجراءات العدائية التي تلجأ إليها حكومة مدريد والتي لا تمثل دولة إسبانيا الحديثة ولا الشعب الإسباني".
رفض بيكاردو لهذه الإجراءات يجد مبرره في "القسوة" التي يعامل بها المئات من العابرين لبوابة المستعمرة ومن بينهم مسنون، وفي تجشمهم عناء الانتظار لمدد طويلة وصلت في ظروف مناخية صعبة إلى سبع ساعات.
وفي الرسالة التي يبدو أنها موجهة للإسبان أكثر منها لمواطني الصخرة، حرص بيكاردو على أن يبلغ خصومه بأن حكومته تتمتع بحس من المسئولية في تعاملها مع ما يجري على أرض الواقع، إذ قال في هذا الشأن "لم تتعامل حكومتنا مع إسبانيا بالمثل، فاللجوء إلى سلوك كهذا لن يحل أي مشكل بقدر ما سيلحق الأذى بالناس ومعظمهم مواطنون إسبان يعيشون في إسبانيا ولكنهم يكسبون قوتهم اليومي داخل جبل طارق". ولم يفته الحديث عن "تحرشات الأمن الإسباني في المياه المحيطة بالصخرة"، مؤكدا أن "الوقت قد حان لإيقاف توغلات الحرس المدني" في المياه التابعة للسيادة البريطانية، ذات التوغلات التي اعتبرها نهجا "لا مكان له في القرن ال 21 ويعرض حياة الموظفين المكلفين بتطبيق القوانين من كلا الجانبين للخطر".
ولمح الى رغبته في تجاوز الأزمة المحتدمة في الآونة الأخيرة، لكن "من الواضح أن هناك قطاعات معينة في الإدارة الإسبانية لا ترغب في العمل من أجل تحسين العلاقات مع جبل طارق" على حد قوله.
وأضاف أن الحوار يظل "الحل الوحيد" لتجاوز الخلافات القائمة، لكن "لا يمكنه أن يتم وفق الشروط التي تمليها إسبانيا"، مذكرا في هذا الصدد بالاتفاق على إجراء مفاوضات خاصة وفقا لمقترح وزير الشؤون الخارجية البريطاني ويليام هيغ، شريطة احترام حدود مشتركة متفق عليها من قبل حكومتي المملكة المتحدة وجبل طارق".