عادت قضية طوابير المنتظرين لعبور بوابة جبل طارق لتثير من جديد الجدل بين إسبانيا وحكومة مستعمرة التاج البريطاني، بعدما صارت المراقبة على الحدود تشمل كل راجل يدخل أو يخرج من الصخرة، ولم تعد تقتصر على السيارات والشاحنات والدراجات النارية. وقد اتخذ المتضررون من هذه الإجراءات من الشبكات الاجتماعية وسيلة للتعبير عن احتجاجاتهم وتظلماتهم، وذلك بتوزيع صور مختلفة، التقطوها بهواتفهم النقالة، عبر البريد الإلكتروني وال"واتساب"، يجري تداولها منذ أيام بين سكان منطقة جبل طارق، مخلفة ردود فعل متباينة. كما أعلنت الجمعية السوسيو ثقافية للعمال الإسبان في جبل طارق أنها ستعقد اجتماعا غدا الجمعة لاتخاذ تدابير جديدة تروم الضغط على الحكومة الإسبانية من أجل التخفيف من حدة الازدحام عند بوابة الصخرة المتنازع بشأنها. وقال رئيس الجمعية، خوان خوسيه أوكيدا، في تصريح للصحافة، "لقد سئمنا من الانتهاكات التي تطال حقوق الإنسان، هناك أضرار مادية ونفسية يعاني منها الناس المتكدسون في الطوابير، كما لو أنهم داخل قفص، ليس هناك متسع لاحتضانهم، بمستطاعهم فقط الجلوس على الأرض وبينهم تجد مسنين ومرضى لا يمكنهم الانتظار، إنه أمر لا يطاق". وأضاف "كل ما طلبته رئيسة الحكومة المحلية لإقليم الأندلس، سوزانا دياز من وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسي مانويل غارسيا مارغايو بشأن التخفيف من حدة الانتظار وتجنيب العمال وباقي الناس العابرين للحدود أداء فاتورة الصراع القائم بين بريطانيا وإسبانيا، لم يتحقق منه أي شيء". وكانت قضية الطوابير وساعات الانتظار الطويلة قد شكلت في الصيف الماضي موضوع خلاف حاد بين البلدين، بعد اعتماد إسبانيا لسلسلة من الإجراءات الأمنية والجمركية المشددة في مراقبتها على الحدود المتاخمة للصخرة السوداء، وذلك بهدف "الحد من تنامي ظاهرة التهريب وغسل الأموال". وكان رئيس وزراء الحكومة المحلية في جبل طارق، فابيان بيكاردو، اتهم الحكومة الإسبانية بافتعال صراع لتحويل انتباه الرأي العام عن قضايا الفساد المزعوم داخل الحزب الشعبي الحاكم، وأعلنت لندن أنها تعتزم ملاحقة إسبانيا قضائيا بسبب إجراءات التفتيش الحدودية "المفرطة"، في الوقت الذي هددت فيه مدريد بإحالة القضية على الأممالمتحدة، مؤكدة أنها "لن تتخلى عن عمليات المراقبة على حدود الصخرة"، وهي عمليات اعتبرتها "قانونية وملائمة" وتتماشى ونظام تأشيرة "شينغن" الذي لا تخضع له مستعمرة التاج البريطاني. وعلى الرغم من الزيارة التي قامت بها بعثة مراقبي المفوضية الأوروبية لجبل طارق في ال25 من شتنبر الماضي لتحديد مدى ملاءمة المراقبة الإسبانية المشددة على حدود الصخرة للتشريعات الأوروبية ودراسة المشاكل المتصلة بالتهريب وغسل الأموال، وهي الزيارة التي ترتب عنها تخفيف في إجراءات المراقبة عند البوابة لأيام، فإن المشكل عاد ليطفو من جديد مثيرا قلق العابرين من السكان والعمال والسياح على حد سواء.