قرر عمر الحدوشي، أحد شيوخ "السلفية الجهادية" التحول إلى متصوف لا يقف بينه وبين الله أي حجاب، فتصبح دعوته مستجابة ونافذة في الحين، وقال الحدوشي إن هذه الكرامة اكتسبها في السجن، حيث دعا على الجنرال حميدو العنيكري بالشلل، فحبسه الله في جسمه، كما دعا بأن ينتقم الله من وزير العدل الراحل محمد بوزوبع وقد انتقل إلى جوار ربه، وكأن الله ينتظر وساطة من أحد لكي يزهق روح عبد من عباده، ، ولم تقف كرامات الحدوشي الذي لم يغير شيئا من جلده، بل إنه قال إنه سيدعو على المغرب بالغرق، وسيموت كل من على هذه الأرض، قبل أن يشترط من أجل وقف وعيده وعدم الاستمرار في دعواته الجارفة، إخراج من لازالوا في السجن قابعين، أولئك الذين تلطخت أياديهم بدماء الغدر، فمزقوا الأسر ويتموا الأبناء، فلو كانت للحدوشي كل هذه الكرامات فلماذا لم يبادر بإطلاق مريديه الذين ينتظر خروجهم لتأسيس جيش الثورة الذي سيتمكن من خلاله من تحرير الأرض، بعد طرد أعداء الحدوشي، مع أن كل ممن يصفهم الحدوشي بالكفار هم مسلمون ويؤمنون بالله.
لقد تحول الحدوشي إلى محرض على القتل، ويقول إن دعوته مستجابة، وسيغرق المغرب، كما حصل مع بنعلي ومبارك والقذافي.
القيامة التي بشر بها الحدوشي ستصل إلى منتهاها حين يأذن بذلك الحدوشي، لكنه في كل ذلك قال إن إطلاق سراح أتباعه من القتلة والمجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء كثير من الأبرياء، سيجنب المغرب كثيرا من الكوارث، لكنه مع ذلك لم يقل لنا لماذا توقفت الاستجابة لدعوات هؤلاء المظلومين، أم أن الأمر يتعلق بحالة لا تستقيم إلا مع وجود الحدوشي في السجن.
لقد نزل الحدوشي خبطا في كل شيء وكأنه مفتي الديار، يسعى جاهدا إلى إشاعة بوادر الفتنة وهو ما يجعلنا في مواجهة مباشرة مع دعوات صريحة بالقتل وإسالة الدماء.
إن الوتيرة التي تسير بها الأحداث بعد خروج بعض من يسمون أنفسهم شيوخ السلفية الجهادية من السجن يوضح بجلاء أن هناك انزياحا للقيم، ومحاولة فرض بعض الممارسات التي كنا نعتقد أنها انتفت أو لا وجود لها في المغرب الذي ارتضى لنفسه الوسطية في العقيدة تماشيا مع المذهب المالكي، لكن البعض يحاولون جاهدين جرنا إلى فتنة لا قرار لها، وستأتي على الأخضر واليابس لا قدر الله.
كما أن بعض منتجي التطرف الذين مازالوا يعيشون بين ظهرانينا، ويتنفسون نفس الهواء الذي نتنفسه، ويركعون تماما كما نركع، يصرون على المشي إلى الوراء، وتلمس طريق غير التي يريدها المغاربة، ومن بينهم الحدوشي الذي انتصر للظلم والمكر. لقد أظهر الحدوشي بالدليل والبرهان أن هناك حدا فاصلا بين الحقيقة والمكر، وأنه بعد مدة على خروجه من السجن مازال ينتج نفس الخطاب، ويمارس نفس الطقوس، ويحرض على القتل أمام مرأى ومسمع من وزير العدل والحريات الذي قال للمغاربة إن شيوخ السلفية الجهادية تابوا إلى الله وقرروا الانخراط في الحوار المجتمعي الذي أساسه حرية الاختلاف والرأي.
ويذكر أن عمر الحدوشي أفرج عنه بمقتضى عفو ملكي وكان معتقلا في ملف 16 ماي أو ما يعرف بالسلفية الجهادية، لكن ظهر أنه لم يراجع أفكاره، وأكد هو نفسه أنه لم يغير أفكاره الداعية للتطرف والقتل واستمر في حمل شعار "الكلاشينكوف" على موقعه الإلكتروني.