نشر موقع الواشنطن بوست افتتاحية تحت عنوان "الصحفيون المغاربة المعتقلون يستحقون اهتمام إدارة بايدن"، وذلك قبيل المحادثات التي جرت بين وزيري خارجية المغرب وأمريكا، ومع كامل الأسف سقط موقع تابع لصحيفة عريقة في الابتذال، حيث جاءت الافتتاحية عبارة عن ترجمات بديلة لبعض التدوينات التي ينشرها البعض هنا في المغرب، وتم شحن الافتتاحية بكثير من الادعاءات والمغالطات، قائلة إن واحدة من مشاكل السياسة الخارجية التي ورثتها إدارة بايدن هي اعتراف الرئيس الأمريكي السابق بالسيادة الكاملة للمغرب على كامل ترابه بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، وحاولت الافتتاحية تصوير أن هذه القضية خلقت مشاكل لواشنطن مع حلفائها الأوروبيين والدول الإفريقية وقرارات الأممالمتحدة. قرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء قرار لرئيس أمريكي وهو سيادي وفق ما يمنحه إياه الدستور الأمريكي، وبالتالي لا دخل للدول الأخرى فيه، ناهيك عن أن أغلب الدول الأوروبية تدعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم ب هبه المغرب، ولا توجد إلا قلة من الدول الإفريقية، التي عارضت ذلك أما الباقي مع هذا القرار، معتبرة إياه مدخلا للحل السياسي وحافزا له بدليل عشرات القنصليات التي تم افتتاحها في مدينتي الداخلة والعيون. وشرعت الافتتاحية في إملاء ما ينبغي أن تقوم به الإدارة الأمريكية على عهد بايدن، وقالت إنه قبل أن تقرر هذه الأخيرة بخصوص موقف ترامب من الصحراء عليها أن تتعامل مع سجل المغرب في حقوق الإنسان، وهو الخطاب، الذي تتداوله بعض المنظمات الحقوقية، والتي تنقله بدورها عن تدوينات بعض التافهين المغاربة، وهذا الأمر أصبح مفضوحا ومكشوفا أنه مؤدى عنه من قبل المخابرات الجزائرية، واعتبرت الافتتاحية أن هناك مقاضاة لصحفيين ونشطاء حقوقيين لانتقادهم الحكم أو فضح الفساد، وهناك صحفيان بارزان دخلا في إضراب عن الطعام. وزادت في تأكيد مغالطاتها قائلة، لقد تم سجن سليمان الريسوني وعمر الراضي، دون محاكمة منذ العام الماضي، بسبب انتقاد الأول لفساد الحكومة ومناصرته للإصلاح السياسي، والثاني بناء على اتصالاته مع ديبلوماسيين وكتاباته عن الفساد والعمل كرماسل لوسائل إعلام أجنبية. في المغرب هناك قوانين جاري بها العمل، وقانون المسطرة الجنائية هو الذي يحدد طريقة التعامل مع الجرائم والجنح، ومن مغالطات الافتتاحية هو الربط بين الاعتقال والرأي، مع العلم أن هناك كتاب صحفيون وغيرهم ينتقدون بشكل جذري الدولة ومؤسساتها، ولم يتم توقيفهم، ولكن قضية الريسوني والراضي تتعلق بشكايات وضعها ضحايا هم موجودون وتقدموا بما يفيد التعرض للاغتصاب، وفي كل وقت تخرج حفصة بوطاهر ضحية الاغتصاب من قبل عمر الراضي لتوضح أنها أنثى تعرضت لانتهاك كرامتها من قبل الصحفي المذكور، وحذّرت من أن تصبح مهنة الصحفي حصانة ضد معاقبة مرتكبي الجرائم. ويذكر أن المحاكمة تسير وفق المساطير القانونية، حيث أن الشرطة القضائية تحيل الملف على النيابة العامة التي تحيل الملف أيضا على قاضي التحقيق، الذي لما ينتهي من الاستماع إلى أطراف القضية يحيل الملف بدوره على الجلسة العامة، والأسبوع الماضي كانت هناك جلسة لمحاكمة عمر الراضي لكنه تخلف عن ذلك لأنه رفض المحاكمة عن بعد، وهو إجراء اتخذه المجلس الأعلى للسلطة القضائية حيث يتم تخيير المتهمين بين الحضور أو المحاكمة عن بعد. فأين هو الاعتقال دون محاكمة؟ أما قضية الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء فهو قرار يجسد خلاصة تموقعات المغرب في الجغرافية السياسية إقليميا وعالميا، ومساهماته الدؤوبة في صناعة الأمن والاستقرار، وهو نتيجة نضال ديبلوماسي طويل الأمد، أي أنه مستحق وليس هدية من أحد. على العموم افتتاحية الواشنطن بوست شاردة وكررت الكلام الذي يكتبه البعض هنا وخصوصا ممن لا مصداقية لهم، أما الربط بين ملف الصحراء والملف الحقوقي هو مجرد لعبة لبعض المنظمات التي تقتات على فتات النفط الجزائري. وختاما تعتبر الافتتاحية تفاعلا بليدا مع تدوينات بئيسة لبعض المغاربة.