وجد النقاش العمومي حول حالات التنافي وعقلنة الانتدابات الانتخابية ترجمة من خلال مشروع القانون التنظيمي رقم 21-04 المتعلق بمجلس النواب، الذي يتم تدارسه حاليا داخل لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بالمجلس، إلى جانب قوانين تنظيمية أخرى متعلقة بالمنظومة الانتخابية. وينص مشروع القانون على إدراج رئاسة مجلس الجماعة التي يتجاوز عدد سكانها 300 ألف نسمة ضمن حالات التنافي مع العضوية في مجلس النواب، وذلك أخذا بعين الاعتبار للعبر المستخلصة من الممارسة الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بصعوبة التوفيق بين الانتداب النيابي والإكراهات المرتبطة بمسؤولية رئاسة الجماعات الكبري التي تقتضي من الرئيس التفرغ الكامل لتدبير شؤون الجماعة في أحسن الظروف. فإذا كان التنصيص على هذا المقتضى في مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، قد لقي استحسانا وإشادة من قبل العديد من الفاعلين السياسيين والباحثين والمهتمين بالشأن العام، فإن الأمر يتعلق حاليا ب13 جماعة كبرى، منها الجماعات الست المقسمة إلى مقاطعات وسبع جماعات أخرى هي مکناس، وآسفي، ووجدة، والقنيطرة، وأكادير، وتطوان وتمارة. وقد شكلت المناقشة العامة لمشاريع القوانين الانتخابية المؤطرة للمنظومة الانتخابية داخل لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب مناسبة لإثارة هذا الموضوع حيث دعت مكونات المؤسسة التشريعية إلى ضرورة توسيع حالات التنافي التي جاء بها المشروع. وخلال هذه المناقشة العامة، دعا النائب البرلماني والأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي إلى الدفع بتوسيع حالات التنافي لتشمل رؤساء المقاطعات التي يفوق سكانها 300 ألف نسمة وكذا الوزراء. وهو الرأي الذي يتقاسمه رئيس فريق العدالة والتنمية مصطفى إبراهيمي الذي أكد على أنه ينبغي أن تطال حالة التنافي رؤساء مجالس العمالات والأقاليم وليس فقط الجماعات التي يتجاوز عدد ساكنتها 300 ألف. من جانبه، أبرز ممثل فريق التجمع الدستوري مصطفى بايتاس أن الحكامة السياسية تقتضي التشجيع نحو توسيع حالات التنافي نظرا لصعوبة الجمع بين العمل السياسي-البرلماني وتدبير الشأن العام بمشاكله وصعوباته. من جهته، قال رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية نور الدين مضيان إن هناك صعوبة في الجمع بين مسؤولية تسيير الجماعة والمهام النيابية، معتبرا أن توسيع حالات التنافي من شأنه منح الفرص للآخرين، وإشراك الشباب والكفاءات والمرأة في التسيير. بدوره، اعتبر رئيس الفريق الحركي محمد مبديع أن حالات التنافي المنصوص عليها تشكل مناسبة لمنح الفرصة لنخب أخرى جديدة التي يمكن أن تنخرط في العمل السياسي والانتخابي، داعيا إلى توسيعها لتشمل المجالس الإقليمية وذلك بغية التفرغ والانكباب على انشغالات المواطنين. أما رئيس الفريق الاشتراكي شقران أمام فقد سجل أن توسيع حالات التنافي سيقدم إجابات في ما يتعلق بموضوع النساء والشباب، كما أنه سيكون إيجابيا لتجنب تضارب المصالح ولتفرغ النائب داخل المؤسسة للتشريع ومراقبة العمل الحكومي. من جانبها، نوهت رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية عائشة لبلق بالمستجدات التي جاءت بها مشاريع القوانين الانتخابية خاصة ما يتعلق منها بتوسيع حالات التنافي والتخليق. إن النقاش الدائر داخل المؤسسة التشريعية يعتبر بمثابة وعي مهم بأهمية إعادة النظر في عدد من المقتضيات أو الممارسات التي تطبع تدبير الشأن العام، والتي طالما كانت محط انتقاد، والمتعلقة أساسا بالجمع بين المناصب أو المهام الانتدابية وما يتبعه ذلك من الجمع ما بين التعويضات.