دعا محمد زروالي، دكتور صيدلاني بسيدي قاسم، اليوم الثلاثاء، النيابة العامة إلى فتح تحقيق معمق في حيثيات ملف تزوير دبلومات مزاولة مهنة الصيدلة في المغرب وكشف المتورطين فيه، مؤكدا انه عمد إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لتنبيه الجهات المعنية إلى خطورة هذه الأفعال، حيث طرق باب الأمانة العامة للحكومة، والمجلس الوطني للصيادلة، ووزارة الصحة، وقدم شكايات في الموضوع، لكنه تفاجأ بالمقاومة والرفض والوعود الكاذبة... وكشف محمد زروالي، خلال ندوة صحفية بمقر العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، معطيات صادمة بخصوص تزوير دبلومات مزاولة مهنة الصيدلة في المغرب، إذ يلجأ بعض مزاولي هذه المهنة إلى تزوير المعلومات الواردة في الدبلومات، بل أكثر من ذلك يزوّرون أختام مؤسسات الدولة، وأختام دول أجنبية، ومنهم من زوّر أيضا شهادة الباكالوريا. واستعرض زروالي، أمام الصحافيات والصحافيين الحاضرين في ذات الندوة، نماذج من الدبلومات التي حصل بموجبها عدد من الصيادلة على رخص لمزاولة مهنة الصيدلة، رغم أنها تحمل أختاما مزورة، ومنها أختام وزارة الخارجية المغربية وقنصليات وسفارات مغربية بالخارج، وتوقيعات وزارة التربية الوطنية... وطالت عملية تزوير دبلومات مزاولة مهنة الصيدلة في المغرب أيضا أختام دول أجنبية، حيث عمد أصحاب هذه الديبلومات إلى تزوير خاتم وزارة خارجية دولة رومانيا، واصفا الموضوع ب"الخطير جدا". وأكد المتحدث أن دبلومات مزاولة مهنة الصيدلة المسلّمة في الخارج تخضع لعدة مساطر قبل أن تمنح لصاحبها رخصة إنشاء صيدلية في المغرب، إذ تخضع لمصادقة القنصلية أو السفارة، ثم تصادق عليها وزارة الخارجية؛ وتتطلب هذه العملية وقتا طويلا قد يتجاوز ستة أشهر من أجل التأكد من صحة الدبلوم، وقال إن عملية المصادقة على بعض الدبلومات لم تستغرق سوى بضعة أيام، ما بين تاريخ صدورها المفترض وتاريخ المصادقة النهائية عليها من طرف الخارجية المغربية، مضيفا أن الأختام التي تحملها هذه الدبلومات "مزورة". وقال إن تزوير دبلومات مزاولة مهنة الصيدلة في المغرب طال أيضا توقيعات رؤساء جامعات أجنبية في أوروبا الشرقية، وتوقيعات وزارة التعليم العالي، مضيفا أن وزارة الخارجية، والأمانة العامة للحكومة، التي كانت تسلّم رخص إنشاء الصيدليات، مدعوّتان إلى "تقديم أجوبة واضحة حول هذا الموضوع". وقال إن هذا الموضوع الخطير جدا "يعلم به الصيادلة، منهم من يتحدث عنه ومنهم من لا يبالي، وكأنهم مقتنعون بأنّ ممارسة الصيدلة بوثائق مزورة واقع يفرض نفسه ولا يمكن محاربته". وفي سجل آخر، قال زروالي إن هناك صيادلة يزاولون المهنة رغم أنهم لا يتوفرون على السجل التجاري، مشيرا إلى اعتقال صيدليين بتهمة ترويج ممنوعات، لكن المثير، يضيف المتحدث، هو أن الصيدلية التي كانا يسيرانها ظلت تشتغل ولم تُغلق. وبخصوص الجهة التي تتحمل المسؤولية في الترخيص لمزاولة مهنة الصيدلة بدبلومات مزورة في المغرب، قال زروالي إن الأمانة العامة للحكومة هي التي كانت تمنح الرخص منذ الاستقلال إلى غاية سنة 2006، حيث أصبح المجلس الوطني لصيادلة المغرب هو الذي يتولى مهمة التحقق من الدبلومات ومنح الإذن لمزاولة مهنة الصيدلة، ثم يوجه الطلب إلى عامل الإقليم. وانتقد زروالي رفض رئيس المجلس الوطني لصيادلة المغرب تقديم لائحة بأسماء الصيادلة الذين منح لهم الإذن بمزاولة المهنة، مضيفا ان "هذا خطير، ويضرب حتى قانون الحصول على المعلومة"، حيث أن اللائحة يجب أن تنشر في الجريدة الرسمية، "وعلى البرلمانيين أن يطالبوا الأمانة العامة للحكومة بنشرها، وأي صيدلاني عليه مؤاخذات يتم البحث في ملفه وتقديم أجوبة مقنعة حول وضعيته القانونية". إلى ذلك، قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسن، إن تزوير دبلومات مزاولة مهنة الصيدلة "ظاهرة خطيرة جدا"، مضيفا ان "ممارسة الصيدلة بشواهد مزورة تهمة ثقيلة وأمر خطير للغاية، لأننا نتحدث عن مهنة ينظمها القانون، ولا يمكن ممارستها إلا بشواهد علمية متحقق من صحتها".