في خطوة اعتبرها الملاحظون نكاية بمختلف الفاعلين السياسيين والجمعويين والنقابيين وحتى الإعلاميين، لم يتردد حزب العدالة والتنمية (الحزب الحاكم) في تنصيب أحد قيادييه مقررا عاما للجنة المكلفة بإدارة الحوار الوطني حول المجتمع المدني. يتعلق الأمر بعبد العالي حامي الدين،عضو الأمانة العامة ونائب رئيس المجلس الوطني للحزب المذكور، ورئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، الذي ما زال اسمه يتردد في كل مناسبة يتم فيها إحياء ذكرى مقتل الطالب آيت الجيد، حيث أن اسمه وارد ضمن أسماء أخرى في المحاضر المتعلقة بهذه القضية.
ليس هذا غريبا على حزب لا يحترم القواعد ولا الأخلاق السياسية التي يتم إفسادها بقرارات تنزل على الجميع في آخر دقيقة، ويفرضها فرضا لتصبح أمرا واقعا. فحزب العدالة والتنمية الذي من المفروض أن يعطي المثال في الاستقامة والنزاهة، تراه هو أول من يخرق المبادئ التي يرددها، على الملأ، صباح مساء. و له في هذا سوابق مسجلة في صحيفة أعماله، تتمثل في تعيين حامي الدين في اللجنة المكلفة بتعديل قانون الصحافة. وكان هذا نكاية بجميع أعضاء الجسم الإعلامي في هذا البلد. وبناء على هذه السوابق، فلن يتأخر الحزب المعني في تكليف أو تعيين حامي الدين في أية مهمة أخرى ما دام أن الأمر أصبح شيئا عاديا ومألوفا.
طريقة وطبيعة هذا الرد هو الأسلوب الأفضل لدى الحزب الحاكم الذي لا ينتبه، ربما، إلى خطورة ما يقدم عليه من تصرفات تدك دكا كل ما حققه المغرب من منجزات، وما قطعه من أشواط في البناء الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي، وكأن "العدالة والتنمية" جاءت للهدم وليس للبناء.
فما معنى أن تخرج المئات من الفعاليات السياسية والجمعوية والنقابية في مسيرات ومظاهرات، تطالب فقط بالعدالة في قضية مقتل الطالب آيت الجيد بينما "العدالة" بين يد الحزب المذكور؟ وما معنى أن يردد المئات في تظاهراتهم بضرورة إخضاع حامي الدين – المحمي ب"عدالة" نفس الحزب – للتحقيق ما دام اسمه موجود في محاضر النازلة، ويتم الرد عليهم بتعيين الشخص مقررا عاما بلجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني؟
إن "العدالة والتنمية" ليس سلطة قضائية – حتى وإن كان يترأس السلطة التنفيذية، وبيده مفاتيح "العدل والحريات " ويترأس النيابة العامة – حتى يعمد إلى طي ملف ما زال مفتوحا، وسيظل كذلك ما دام لم يقل القضاء فيه كلمته النهائية.
لقد كان من المنتظر ومن المفترض أن يحترم "العدالة والتنمية " نفسه، قبل أن يحترم القانون ويلتزم بالأخلاق والأعراف السياسية المعروفة في هذا المجال، وينصح حامي الدين بالابتعاد والاستقالة من أي منصب أو مهام، ويضع نفسه رهن القضاء لكي تأخذ العدالة الحقيقية مجراها –وليست "العدالة " التي ينتمي إليها . هذه "العدالة" هي التي تحمي حامي الدين.