تكاد تكون الجزائر الدولة الوحيدة التي ترتبط في أذهان المجتمع الدولي بظاهرة استدعاء السفراء للاحتجاج عليهم كلما أدلى وزير أو دبلوماسي بتصريح حول الجزائر أو عرضت قناة أو كتبت جريدة أو موقع مادة عن الجزائر ،فخلال مدة لا تتجاوز الشهرين وقعت ثلاث أحداث دبلوماسية استدعت فيها الجزائر سفراء دول للاحتجاج ويتعلق الأمر بفرنسا مرتين والمغرب مرة واحدة ، فيوم أمس خرج الناطق باسم الخارجية الجزائرية بن علي الشريف يشرح استدعاء خارجية بلده للسفير الفرنسي بالجزائر معتبرا أن هذا الاستدعاء جاء “بعد بث قنوات حكومية فرنسية لبرامج هاجمت الشعب الجزائري ومؤسساته”. وحسب وزارة الخارجية الجزائرية، فإن “الطابع المطرد والمتكرر للبرامج التي تبثها القنوات العمومية الفرنسية والتي كان آخرها ما بثته قناة فرانس 5 و القناة البرلمانية بتاريخ 26 ماي 2020، التي تبدو في الظاهر تلقائية، تحت مسمى وبحجة حرية التعبير، ليست في الحقيقة إلا تهجما على الشعب الجزائري ومؤسساته، بما في ذلك الجيش الوطني الشعبي“. وفي نهاية مارس الماضي استدعت وزارة الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي بالجزائر للاحتجاج على استضافة قناة فرانس 24 محللا صرح أن مساعدات صينية للجزائر لمواجهة كورونا تم تحويلها من قبل الجيش الوطني الشعبي. وقالت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية أن “هذا التحامل و هذه العدائية تكشف عن النية المبيتة والمستدامة لبعض الأوساط التي لا يروق لها أن تسود السكينة العلاقات بين الجزائر وفرنسا بعد ثمانية وخمسين (58) سنة من الاستقلال في كنف الاحترام المتبادل وتوازن المصالح التي لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال موضوعا لأي تنازلات أو ابتزاز من أي طبيعة كان”. ويفسر الملاحظون سلوك الخارجية الجزائرية واللجوء في كل مرة إلى افتعال أزمة دبلوماسية مع الخارج بحالة القلق والاضطراب الداخلي في النظام الجزائري الذي يحاول توظيف أي حدث لتشتيت الأنظار نحو الخارج ،والمثير للانتباه حسب العارفين أنه في كل احتجاجات وزارة الخارجية الجزائرية على دبلوماسيي العالم يتم استحضار قضية الجيش الجزائري بالإشارة إلى التاريخ واستعمال توصيف “سليل جيش التحرير “ ،فالأمر يتعلق بقلق الجنرالات والرئيس تبون على شرعية الجيش التي تآكلت ولم يعد من الممكن ربطه بشيء تاريخي بعد اغتيال القايد صالح الذي يعد أخر الجنرالات الذين كان لهم ارتباط بفترة حركة مكافحة الاستعمار الفرنسي. فالخوف مما هو قادم، ومحاولة استباق عودة الحراك من جديد، وضعف شرعية تبون وشنقريحة، يفسر صناعة الخارجية الجزائرية لأزمات وتوترات دبلوماسية مع الخارج وعلينا انتظار المزيد.