أكد أفراد الجالية اليهودية المغربية المقيمة بالعاصمة الأرجنتينية بوينوس أيريس، مساء أمس الخميس، تعلقهم الوثيق بوطنهم الأصل، المغرب وكذا بالعرش العلوي المجيد، مبرزين أن المملكة شكلت على مر التاريخ أرضا للتعايش والتسامح والسلام. وجاء ذلك خلال حفل ديني وثقافي جرى تنظيمه بكنيس "لاس بييدراس" وسط بوينوس أيريس، بمناسبة تخليد الذكرى المئوية الأولى لتأسيس هذا المعبد سنة 1919 من قبل عدد من المهاجرين المغاربة الذين اختاروا الاستقرار بالبلد الجنوب أمريكي. وفي كلمة بالمناسبة، أبرز العديد من الحاخامات والباحثين والأكاديميين أن الجالية المغربية اليهودية حافظت على هويتها وثقافتها العريقة التي تنهل من قيم التسامح والوئام والتعايش بين مختلف مكونات الأمة المغربية، مسلطين الضوء على العناية التي خص بها ملوك وسلاطين المغرب على امتداد التاريخ المغاربة المعتنقين للديانة اليهودية. وفي هذا الصدد، ثمنوا المواقف الحازمة التي واجه بها جلالة المغفور له محمد الخامس، الاستعمار ونظام فيشي الفاشي، وذلك من أجل توفير الحماية للجالية اليهودية المغربية، منوهين بمواقف جلالته الرافضة لكل أشكال التمييز والتفرقة بين رعاياه، بصرف النظر عن عقيدتهم أو ديانتهم. وخلال هذا الحفل، الذي عرف مشاركة مكثفة من أفراد الجالية اليهودية المغربية والعديد من الشخصيات الأكاديمية والدينية والسياسية ومن ضمنها كاتب الدولة الأرجنتيني المكلف بحقوق الإنسان والتعددية الثقافية، كلاوديو أبروخ، أبرزوا رفض جلالة المغفور له محمد الخامس لكل الضغوط التي مارستها سلطات الحماية ورفضه توقيع الظهائر المتعلقة بالقوانين المعادية لليهود وتأكيده أن اليهود، هم رعاياه الذين ينعمون بحماية جلالته شأنهم في ذلك شأن باقي المغاربة. وفي هذا السياق، قال رئيس الجالية اليهودية المغربية بالأرجنتين، هيرنان واحنيش في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الاحتفال بمرور 100 عام عن تأسيس أول كنيس سيفاردي ببوينوس أيريس تكريم لليهود المغاربة الذين قدموا من عدد من مدن المملكة، لا سيما تطوان وطنجة والدار البيضاء وفاس ومراكش وشيدوا هذا المعبد. و أشار إلى أن علاقات اليهود المغاربة مع باقي إخوانهم من أفراد الأمة المغربية كانت أخوية على الدوام، مبرزا العناية الكبيرة التي خص بها ملوك المغرب الطائفة اليهودية المتعلقة بأهداب العرش العلوي المجيد. ومن جهتها، أشارت شانتال الحرار إلى أن الجالية اليهودية المغربية بالأرجنتين حافظت على عاداتها وتقاليدها العريقة رغم مرور العديد من السنوات على استقرارها بهذا البلد اللاتيني، مسجلة في هذا السياق أن علاقات هذه الجالية ما فتئت تتعزز مع المغرب، بلدها الأصل. وقالت "نحرص على زيارة المملكة بشكل دوري ليتعرف أحفادنا وأبناؤنا على تاريخنا الذي عشناه بالمغرب وهو ما نعتبره مبعث فخر لنا ولتظل الأواصر وثيقة باستمرار". وأضافت نحن كيهود مغاربة نكن حبا كبيرا لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وننظر بكثير من التقدير والامتنان لما يقوم به جلالته من جهود من أجل الحفاظ على الموروث اليهودي باعتباره مكونا من مكونات تاريخ المملكة وثقافتها العريقتين. ومن جانبها، اعتبرت الفنانة التشكيلية، استير بنمامان أن "المغرب يعد أفضل نموذج للتعايش، وهو الأمر الذي بات العالم كله يدركه وما فتئ يشيد به خاصة وأن المملكة تعتبر مرفأ سلام وأرضا للاحترام المتبادل، وهو ما يجعلنا كيهود مغاربة فخورين ببلدنا". وقد تميز هذا الحفل بعرض لوحات لهذه الفنانة التشكيلية تسلط فيها الضوء على مواضيع اجتماعية وإنسانية تعكس جوانب مختلفة من الثقافة المغربية، كما تبرز عادات المجتمع المغربي،خاصة ما يتعلق بالمناسبات الاحتفالية مثل الخطوبة، وأيضا حياة النساء الجبليات بمدينة شفشاون، بالاضافة إلى المناظر الطبيعية والحياة التي تنبض بها مدن المملكة. وخلال هذه المناسبة التي تميزت أيضا بعرض تحف أصيلة تعكس براعة الصانع التقليدي المغربي، تسنى للحضور تذوق مأكولات تنهل من المطبخ المغربي الأصيل والاستمتاع بوصلات موسيقية من نغمات التراث اليهودي المغربي.