في خطاب تاريخي يجسد نضج المرحلة بوصولها إلى 20 سنة من تولي عرش المملكة المغربية، أشّر جلالته على الانتقال إلى مرحلة جديدة، وذلك عبر نقد أسس الاشتغال السياسي، التي لم ترق بعد إلى مطامح الدستور الثوري الذي صادق عليه المغاربة في يوليوز 2011، وبالتالي لابد من الانتقال إلى مرحلة أخرى تقتضي تأهيل مكونات المشهد السياسي والمجتمع المدني ليكون قادرا على رسم مسار جديد من الحكم، مسار ينطلق من الاقتدار السياسي للهيئات والتشكيلات وقدرتها على تحمل المسؤولية السياسية في تدبير الشأن العام على أعلى المستويات. إن التحولات التي تحدث عنها جلالة الملك هي التي شغلت الرأي العام طوال المرحلة الماضية، وكعادة جلالته على الإنصات لضمير الشعب ولمطالب الشراع، يقدم جلالته أجوبة عن أسئلة الشارع الواقعية، فيما يعرف دائما بالاستمرار التاريخي والواقعي لثورة الملك والشعب التي لا يمكن أن تنفصل. تحولات المشهد السياسي التي يدعو إليها جلالته تقترب نموذج جديد للحكم له ركائز مختلفة يبني على الماضي ويؤسس لمرحلة يتم فيها منح صلاحيات واسعة للمؤسسات المتتخبة. فالقطاع العام يحتاج، دون تأخير، إلى ثورة حقيقية ثلاثية الأبعاد : ثورة في التبسيط، وثورة في النجاعة، وثورة في التخليق، يقول جلالة الملك في خطاب العرش. مضيفا أنه سبق أن دعا إلى ضرورة تغيير وتحديث أساليب العمل، والتحلي بالاجتهاد والابتكار في التدبير العمومي . ورهان العدالة الاجتماعية والمجالية : لاستكمال بناء مغرب الأمل والمساواة للجميع . ومغرب لامكان فيه للتفاوتات الصارخة، ولا للتصرفات المحبطة، ولا لمظاهر الريع، وإهدار الوقت والطاقات. ويجب إجراء قطيعة نهائية مع هذه التصرفات والمظاهر السلبية، وإشاعة قيم العمل والمسؤولية، والاستحقاق وتكافؤ الفرص. ولهذه الدعوة يكون جلالته قد استكمل دورة النقد التي بدأها بالحديث سابقا عن الثروة تم عن النموذج التنموي تم اليوم عن المؤسسات، وهي دورة ضرورية لبدء عملية التغيير.