أثار القصف الصاروخي العنيف الذي شنته قوات الضابط المتقاعد خليفة حفتر على الأحياء السكنية في العاصمة الليبية طرابلس تنديدا دوليا واسعا، ودعوات إلى تغليب المصلحة العليا للبلاد، فيما توعدت حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا بتقديم كافة المستندات للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها قوات حفتر في حق المدنيين. وفي مؤتمر صحفي، بثته قنوات تلفزيونية، أكد الناطق باسم حكومة الوفاق، مهند يونس، أن "لجوء قوات خليفة حفتر لقصف المدنيين دليل على هزيمته في الميدان"، مبينا أن "الحكومة موجودة وتتابع الوضع وسيكون لها موقفها إزاء هذه الجرائم". ونقلت إدارة التواصل بحكومة الوفاق عن يونس قوله إن "قصف الأحياء المدنية الآهلة بالسكان جريمة ضد الإنسانية تجعل من حفتر مجرم حرب مطلوبا محلي ا ودولي ا"، مضيفا أن "العالم أصبح يرى بوضوح جرائم حفتر التي لا يمكن السكوت عنها"، مردفا "لم يعد هناك مبرر أمام المجتمع الدولي كي لا يصنف حفتر مجرم حرب". وأكد يونس، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدولة لشؤون الجرحى بحكومة الوفاق الوطني، أن "حكومة الوفاق ستتخذ كافة الاجراءات للرد على هذه الجريمة النكراء"، وقال إنه "لم يعد هناك مجال للصبر على هذه الأفعال وسيكون الرد رادعا وعلى جميع الصعد"، مضيفا "اتضح الآن للجميع أن حفتر الذي انقلب على الشرعية لم يكن يوما يسعى لحل سياسي". وأعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق "الحداد العام في كافة أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من تاريخه وتنكيس الرايات وتجليل وتوشيح الصحف اليومية بالسواد حزنا على أرواح الذين قضوا في العدوان الغاشم الذي تعرضت له مدينة طرابلس وما حولها وما نجم عنه من قصف ظالم للأحياء السكنية بالمدينة الذي أدى إلى سقوط 14 قتيلا من المدنيين و40 مصابا و خسائر مادية في الممتلكات بتاريخ 16 أبريل و الأيام الماضية". وطالب فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطنية الليبية، محكمة الجنايات الدولية بالبدء بالتحقيق في "جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان" ارتكبت من طرف مجموعات خليفة حفتر المسلحة. وذكرت وسائل الإعلام الليبية أن السراج قال في رسالة إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، إن قوات حفتر "ارتكبت جرائم ضد المدنيين ودمرت البنى التحتية بقصفها بالأسلحة الثقيلة المحرم استعمالها داخل المدن، واستهدفت أيضا المنازل والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف". وأضاف السراج أنه "اعتبارا لكون هذه الجرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فإن الأمر يتطلب تقديم المسؤولين العسكريين والمدنيين وعلى رأسهم خليفة حفتر الذي أطلق العملية العسكرية". دعوات إلى تغليب المصلحة العليا للبلاد واحترام القانون الإنساني الدولي وفي سياق التعاطي الدولي والإقليمي مع العدوان الدامي ضد طرابلس، أدان غسان سلامة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، بأشد العبارات القصف على طرابلس، قائلا أن "استخدام الأسلحة العشوائية والمتفجرة في المناطق المدنية يشكل جريمة حرب". وأكد غسان سلامة على ضرورة احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان احتراما كاملا، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين والمنشآت المدنية، مشددا على أن "المسؤولية عن مثل هذه الأعمال لا تقع على عاتق الأفراد مرتكبي هذه الاعتداءات العشوائية فحسب، بل يمكن أن يتحملها أيضا كل من يصدر الأوامر لهم". ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي، في وقت لاحق اليوم الخميس، جلسة استثنائية مغلقة حول الوضع في ليبيا، وذلك بناء على طلب من ألمانيا بعد مفاوضات بشأن مشروع القرار الداعي إلى وقف إطلاق النار في طرابلس. وأعلنت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا، أنها طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية يوم 21 أبريل لبحث التطورات في العاصمة الليبية طرابلس. وتجدر الإشارة إلى أن 205 أشخاص لقوا مصرعهم وأصيب 913 بجروح منذ بداية هجوم قوات خليفة حفتر على في 4 أبريل الجاري، وفق ما أفادت به اليوم الخميس، حصيلة جديدة لمنظمة الصحة العالمية. وكانت حصيلة سابقة للمنظمة نشرت أمس أفادت بمقتل ما لا يقل عن 189 شخصا وإصابة 816 آخرين، من بينهم مدنيون منذ بداية هجوم قوات حفتر. وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة من جهتها، أن حوالي 25 ألف شخص نزحوا من منازلهم جراء الاشتباكات التي اندلعت في طرابلس، معربة عن "قلقها العميق لتزايد تعرض المدنيين في طرابلس للخطر بسبب الاشتباكات المتصاعدة"، مضيفة أن هناك أكثر من 3000 مهاجر محتجزين، من بينهم أطفال ونساء حوامل".