ذات مرة قال محمد بنعبد القادر، وزير الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة، إنّ النهج الذي اختاره المغرب للقضاء على الرشوة، لا يقوم على مقاربة تصفية الحسابات وتسييس الملفات والزجّ بالناس في السجون؛ بل اخترنا المقاربة الشمولية الوقائية، إنها ولعمري طريفة ونادرة من نوادر الرجل فيما يتعلق ب”موضة” مكافحة الفساد، لماذا؟ كما أن الوزير عاجز أيضا، عن كشف الخبراء الذي تعاقدت معه وزارته والكشف عن مؤهلاتهم، والكشف عن الدراسة المتعلقة بإضافة ساعة إلى التوقيت الرسمي للمملكة، ولا غرو أن الوزير أخدها مقلوبة وقام بإضافة ساعة حتى قبل أن تنجز الدراسة وهذه سابقة عالميا تعبر عن شذوذ تسييري، ليس إلا. لأن من يسمع كلام الوزير بنعبد القادر، قد لا يترّدد في القول بأننا أمام سياسي محنك يملك كفاءات عالية في حزبه حول استراتيجية مكافحة الفساد، أو ربّما هذا جهبذ عصره الذي سينقذ الإدارة من فيروس نخرها لعقود وزاد في السنوات الأخيرة. بيد أن الحقيقة غير ذلك، فوزارته نفسها امتنعت على إعطاء المعلومة لجمعية حقوقية محترمة، أثارت شبهات حول فساد في التوظيف. لكن السؤال الذي يطرح هو كيف لنا أن نستأمن هذا الوزير، بهكذا مواصفات، على تنزيل الاستراتجية الوطنية لمكافحة الفساد، وكيف لنا ألا نطمئن إلى أنه بإضافة ساعة إلى التوقيت الرسمي قبل الدراسة، التي حان موعد الكشف عنها وأخلف الوزير وعده، يكون بنعبد القادر ووزارته قد وضعا العربة أمام الحصان. الحال الذي لا يخفيه “غربال” أن الوزير محمد بنعبد القادر يدبر الوزارة بالمناولة، وما يؤكد هذا هو افتقاره إلى الجرأة والجدية الكافيتان لإنزال أسس مكافحة الفساد والاطلاع على المعلومة في القطاع الذي يشرف عليه، وبنعبد القادر كمن يلعب على البيض لإرضاء الكلّ، غايته البقاء في الحكومة بأي ثمن. لا شك أن الوزارة التي أشرفت على قانون الاطلاع على المعلومة، تستوجب كفاءة علمية وشخصية ذات وزن سياسي، وعلمي، لها من الشجاعة والجدية في الكشف، عن ما يقع في الإدارة، وتعيين الدواوين، لكون أسس الفساد سياسية، لا لسياسيين، يعلمون ما يدور في الكواليس ويعلمون فيما بينهم ما هو مجال اختصاص هذا “البزنس” وذاك في كعكة الفساد، ورغم ذلك يخرج كل السياسيين أمام إعلام الشركات التي تدفع من أموال الشعب، لتزين صورتهم، و تبيض أعمالهم، في ظل تسابق حزبي و سياسي، يقوم على تطاحن كل يريد حصته قبل فوات الأوان. إن الحق في الإطلاع على المعلومة له سند دستوري، غايته الكشف عن منظومة الفساد، و توضيح العلاقات على أساس الشرعية وما تعين من تطبيق الصارم للقانون والمشروعية وما تعنيه من أخلاق وطنية قبل أن تكون سياسية. إن تماطل بنعبد القادر الذي أشرفت وزارته على قانون الاطلاع على المعلومة في إعطاء المعلومة، حول خلاصات دراسة تغيير التوقيت الرسمي للمغرب، يوضح بشكل جلي أن حكومة العثماني، بترضياتها وحساباتها السياسية، لا تملك الجدية و لا الكفاءات لتفكيك منظومة الفساد الإداري في الوقت الذي يريد العديد إبقاءها وتعديلها لحسابهم.