قام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الاثنين، بزيارة مجموعة من المشاريع المنجزة في إطار برامج إعادة تأهيل وتثمين المدينة العتيقة لفاس، وأشرف جلالته، بالمناسبة، على إعطاء انطلاقة أشغال ترميم متحف "البطحاء" وبناء متحف للثقافة اليهودية. وتنسجم هذه المشاريع، التي قام جلالة الملك بزيارتها أو إطلاقها، مع الرؤية المستنيرة لجلالة الملك، الرامية إلى المحافظة على التراث الوطني بكافة أشكاله التعبيرية وحمايته لفائدة الأجيال الصاعدة، وكذا في إطار الجهود المبذولة قصد النهوض بإشعاع الحاضرة الألفية لفاس، التي شكلت عبر العصور، نموذجا للتعايش بين الحضارات والثقافات. كما تترجم الإرادة الراسخة لجلالة الملك، لضمان تنمية مستدامة ومسؤولة لسياحة ذات جودة وقيمة مضافة بشرية وثقافية، وكذا تحسين جودة حياة الساكنة، والمحافظة على الطابع الحضري والمعماري، وتثمين التراث المادي واللامادي، للعاصمة الروحية للمملكة. وهكذا، قام جلالة الملك بزيارة حمام الصفارين، الذي تم ترميمه من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بغلاف مالي إجمالي يبلغ 9,6 مليون درهم، و"فندق" السطاونيين، الذي تطلبت أشغال إعادة تأهيله استثمارات بقيمة 50 مليون درهم (ممولة في إطار شراكة بين المغرب والولايات المتحدةالأمريكية، من خلال برنامج حساب تحدى الألفية -المغرب، بمساهمة تناهز 50 في المائة من الميزانية)، والتي مكنت من تحويل الفندق إلى مركز للابتكار وتبادل الأفكار المرتبطة بمهن الحياكة. كما قام جلالة الملك بزيارة مشروع تهيئة مركب الصناعة التقليدية والتنشيط بساحة "للا يدونة"، ذي التكلفة المالية البالغة 333 مليون درهم ممولة في إطار نفس الشراكة، والتي ساهم فيها حساب تحدي الألفية بحوالي 105 مليون درهم. وقد هم هذا المشروع إعادة تأهيل 11 بناية تقليدية، وبناء 7 أخرى جديدة، وكذا تهيئة واد الجواهر والفضاءات الخارجية، بالإضافة إلى ترميم قنطرة بين المدن التاريخية. ومن ضمن 18 بناية التي يتضمنها المركب، واحدة فقط لم يتم استكمالها، حيث يرتقب أن تكون جاهزة في نهاية الشهر الجاري، ويرجع التأخر المسجل إلى بعض الاستكشافات الأركيولوجية. إثر ذلك، قام جلالة الملك بزيارة مركز التراث والمعلومات لالة يدونة (500 ألف درهم)، الذي يعد فضاء للتواصل وتحسيس العموم بالأهمية والقيمة التراثية للمدينة العتيقة لفاس، وكذا بمختلف العمليات والمبادرات التي تم القيام بها للحفاظ على هذه الحاضرة -المتحف متعددة الروافد. وأشرف جلالة الملك بعد ذلك، على إعطاء انطلاقة أشغال ترميم متحف"البطحاء" (15,6 مليون درهم) وبناء متحف للثقافة اليهودية بحي "فاس الجديد" (10 مليون درهم)، المشروعان اللذان يجسدان إرادة جلالة الملك الثابتة للحفاظ على الطابع المعماري للمدينة العتيقة لفاس والعناية الخاصة التي يوليها أمير المؤمنين للتراث الثقافي والروحي للطائفة اليهودية المغربية، وعزم جلالته الراسخ على الحفاظ على ثراء وتنوع مكونات الهوية المغربية. ويندرج هذان المشروعان في إطار البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس (2018 - 2023)، الذي يعبئ استثمارات بقيمة 583 مليون درهم، والذي تم توقيع اتفاق الشراكة المتعلق به أمام جلالة الملك في 14 ماي 2018 بالقصر الملكي بالرباط. ويهم هذا المشروع الضخم ترميم 11 معلمة وموقعا تاريخيا، و10 أماكن للعبادة (مساجد، وكتاتيب قرآنية)، و37 مكانا للاستجمام (حمامات، وسقايات، ومرافق صحية)، وإعادة تأهيل 39 موقعا للتجارة والصناعة التقليدية، وتحسين المشهد الحضري والإطار المبني (15 موقعا)، وكذا ترميم وتأهيل دار المكينة. وقد تم استكمال مشروعين مندرجين في إطار هذا البرنامج، ويتعلق الأمر بمركز التراث والمعلومات "لالة يدونة" سالف الذكر، ومركز باب المحروق. من جهة أخرى، يوجد 32 مشروعا قيد الإنجاز، من ضمنها 12 مشروعا تهم سقايات تقليدية بغلاف مالي يبلغ 97 مليون درهم. ودائما في إطار تعزيز الجاذبية السياحية للمدينة العتيقة لفاس وتحسين ظروف عيش ساكنتها، هناك برنامج لتهيئة مواقف السيارات، ورد الاعتبار للمجالات العمومية، ووضع نظام تعريفي للمدينة العتيقة لفاس، كلها توجد في طور الإنجاز. ويروم هذا البرنامج، الذي رصد له غلاف مالي إجمالي بقيمة 400 مليون درهم، تحسين ولوج الأشخاص إلى المدينة العتيقة، من خلال تهيئة 8 مواقف للسيارات (باب الحمرة، وباب الجديد، سيدي بونافع، باب بوجلود، وعين أزليتن، وباب الكيسة، وواد الزحون، وبين المدن) بطاقة استيعابية تناهز 3200 مكانا للركن، وترصيف الشوارع والأزقة (23 كلم)، وعنونة الشوارع والأزقة والساحات بالمدينة العتيقة لفاس، ووضع نظام تعريفي لفائدة السكان والزوار والسياح. وقد تم إطلاق أشغال تهيئة مرآبي باب الكيسة وبين المدن، بينما مشاريع تهيئة مواقف السيارات بباب بوجلود وسيدي بونافع وباب الجديد وعين ازليطن، توجد في طور إرساء الصفقات، فيما توجد ملفات طلبات العروض الخاصة بتهيئة مرآبي باب الحمرة وواد الزحون في طور الإعداد. وتؤكد المشاريع التي زارها أو أطلقها جلالة الملك اليوم، مرة أخرى عزم جلالته على السهر على تعزيز دينامية التنمية التي تعرفها المدن العتيقة بمختلف مدن المملكة، وتدعيم جاذبيتها السياحية والثقافية، وإنعاش التراث الحضاري والإنساني، فضلا عن تحسين مداخيل الصناع التقليديين وتنمية الاقتصاد الاجتماعي. وقد احتشد الآلاف من سكان المدينة العتيقة لفاس بهذه المناسبة، على طول المسار المؤدي للمواقع التي زارها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، للتعبير عن آيات إخلاصهم وولائهم لجلالته وعميق امتنانهم لشخصه الكريم على هذه الزيارة الميمونة.