"بوتفليقة رايح رايح أدّي معاك القايد صالح".. هذا هو الشعارالذي اختاره الجزائريون لمسيراتهم اليوم الجمعة للمطالبة برحيل النظام وإسقاط رموزه.. ويتوافد آلاف الجزائريين، منذ وقت مبكر من اليوم الجمعة 29 مارس، على ساحة البريد المركزي بالعاصمة الجزائرية للمشاركة في سادس جمعة من المسيرات المليونية الشعبية المطالبة برحيل النظام.. إختيار شعار "بوتفليقة رايح رايح..أدّي معاك الكايد صالح"، ينمّ عن وعي شعبي كبير بأن تغيير النظام في الجزائر ليس رهينا برحيل بوتفليقة أو بعض الأشخاص والمحيطين به، بل الأمر أعقد من ذلك.. وباختيارهم لهذا الشعار يكون الجزائريون قد وضعوا الأصبع على مكن الداء، إذ أن من يحكم الجزائر ليس بوتفليقة أو أي شخص آخر قد يأتي مكانه، لأن منصب الرئيس ومعه باقي المؤسسات في الدولة كانت تسيّر منذ استقلال البلاد، بعد انقلاب محمد بوخروبة (هواري بومدين) على رجال بنخدة ورجال المقاومة، من طرف العسكر حتى بعد أحداث أكتوبر 1988 وما يعرف ب"التحول الديمقراطي" بالجزائر.. لقد فهم الجزائريون بعد عقود بأن المؤسسة العسكرية هي التي تقود البلاد وهي الكل في الكل، ولا شيء يمكنه أن يتغير دون تحييدها عن الشأن السياسي وعودتها إلى القيام بالأدوار المنوطة بها دستوريا من حفاظ على الأمن والاستقرار والمرابطة في الحدود، وهي أدوار تجاوزتها المؤسسة العسكرية حيث أصبحت مسؤولة على كل صغيرة وكبيرة في البلاد.. ويكفي تتبع الأحداث في الجزائر منذ اندلاع الحراك الشعبي، للوقوف على هذه الحقيقة، إذ أن المؤسسة العسكرية كانت وراء دعم بوتفليقة وكل المحيطين به، وعندما وجدت نفسها مهددة، لجأت إلى التضحية ببوتفليقة وطالبت بتطبيق الفصل 102 من الدستور، في خرق واضح للدستور، لأن المؤسسة التي يجب أن تقوم بذلك هو المجلس الدستوري الذي بقي ساكتا رغم ارتفاع أصوات الشعب مطالبا بتطبيق مقتضيات هذه المادة من الدستور، وحتى المؤسسة العسكرية كانت تعوّل على عامل الزمن وترهل الحراك الشعبي، لكنا اضطرت إلى تغيير مواقفها بعد إن كانت تحذر وتتوعد المتظاهرين وتخيفهم بمخاطر العودة إلى أجواء العشرية السوداء.. وبعد تصريحات الجنرال قايد صالح ومطالبته بتطبيق المادة 102 من الدستور، تحولت مواقف الأحزاب والدوائر الموالية لبوتفليقة بقدرة قادر إلى نقيض ما كانت تدافع عنه، إذ طالبت كلها بضرورة إعلان شغور منصب الرئيس واستقالة بوتفليقة، وهو تغيير ينمّ عن انتهازية مفضوحة، إلا أن الشعب فهم جيدا اللعبة ولا يمكن أن يستسلم ويأتمن النظام ويثق في وعوده، ومن هنا جاء شعار "بوتفليقة رايح رايح..أدّي معاك قايد صالح"، أي أن الحراك الشعبية أضحى يطالب علانية برحيل العسكر والابتعاد عن الشأن السياسي، وهو شعار يجب تحصينه والعمل على تجنب كل شيء يمكن ان يستغله العسكر، أو منحه فرصة لشرعنة تدخله لوقف الزحف الشعبي والقضاء على آمال وأحلام الجزائريين..