تحولت نافورة بن دباب التي تم تدشينها في كرنفال رسمي حيث انقذفت مياهها بالألوان ذات صيف إلى سوق عشوائي للملابس المستعملة ، وتم العبث بتجهيزاتها الكهربائية واقتلاع قضبان الحديد التي تم تثبيتها بهدف حمايتها وتحول فضاؤها من كروكي يسر الناضرين إلى مطرح للنفايات وفي جزء منه مرحاض عمومي باتت روائحه تزكم الأنوف ، نافورة بندباب التي يحلو للبعض أن يسميها “ميدان التحرير” تكشف مصادر من مالية الجماعة أن تكلفتها فاقت 50 مليون من السنتيمات هي الآن في وضع العبث ، وفيما تم استغلال الكراسي الرخامية التي أريد لها أن تكون مكانا للترويح عن نفس الساكنة إلى مطبخ أو مكان لإعداد الوجبات الخفيفة لتجار النافورة قرر أحد الباعة في تحد سافر عزمه بناء سور لحماية منطقة نفوذه مع رسم لوحة عليها اسمه ورقم مفترض في أفق تمليك المكان ،وهي خطوة في حال التغاضي عنها غير مسبوقة ستكون لها عواقب خطيرة جدا في حال ارتكان الجهات المسؤولة الى الصمت لأهداف انتخابية كما هو عليه الوضع الآن . لكن أحدهم همس بأن ما يدفعونه على شكل إتاوات يومية يشكل ضمانة قوية لبقائهم أطول فترة ممكنة في أحسن الأحوال أو تعويضهم بمحلات بمواصفات مقبولة وهو الامر الذي يجعلهم يتشبثون بوضعهم الحالي في أكبر عملية تشويه ومسخ تعرفه منطقة فاس الشمالية ، كل هذا من غير أن تحرك السلطات الموكول إليها حماية الملك العام في استراتيجيا بناء المدن تعمل السياسات الحكومية في البلدان التي حباها الله بمنتخبين نزهاء ومخلصين ووطنيين على تحضير المدن وتجهيزها بمواصفات عصرية كالتشوير والترصيف والتأهيل والتهيئة المنسجمة والعمران المتناغم حتى تخرجها من دائرة القرية وتلحقها تدريجيا بالمجال الحضري إلا فاس العاصمة العلمية للمملكة ياحصراه ، حيث سياسة المسؤولين فيها عن تدبير الشأن المجتمعي يعملون بكل ما أوتوا من قوة إلى بدونتها أو ترييفها وبالسرعة القصوى .إذ تم تحويل النافورات الى أسواق عشوائية ، والمساحات الخضراء إلى مساحات جرداء في أفق الانقضاض عليها ونهشها عقاريا ، وتم السماح لفئة من المياومين والحرفيين الموسميين بتعليق أدوات الصباغة والمعاول وتثبيتها على أعمدة النور في تحد صارخ للمدنية . فمالذي يريده هؤلاء من هذه الكتلة الناخبة غير استغلالهم لكراسي المسؤولية لولايات متواصلة ؟ وهل السماح لهم بهذا العبث الكبير مبرر حضري للإساءة لفضاء المدينة ؟ وهل يكفي أن تصوت على لون العمدة حتى يسمحلك بفعل المحظور والاعتداء على القيم واستبخاس القانون والعبث بالملك العام؟ وفي سياق يتصل ،تعاني ساكنة شارع السلام والأزقة المتفرعة عنها من ظاهرة احتلال الملك العمومي بصفة عامة ومن طرف الفراشة خاصة الذين تحولوا إلى باعة دائمين، حيث شنوا هجوما على حق المارة واغتصبوه، وذلك بعرض بضاعتهم عبر عربات وطاولات من قصب أو حمير تفرغ روثها على الجنبات فتسيء للوجه الحضاري لأكبر حي بفاس ، أو فراشات من خضر وفواكه وملابس وأوان منزلية وأشياء أخرى يصعب تصنيفها وسط هتافات وصخب، وازعاج حقيقي للساكنة، وإعاقة سير الراجلين وعرقلة حركة المرور وخاصة وقت الذروة عند عودة المستخدمين من مقرات عملهم، وخروج التلاميذ من مؤسساتهم إلى جانب انتشار اللصوصية والمتشردين، أضف إلى ذلك بروز أشخاص ذوي العضلات المفتولة يفرضون على الفراشة الجدد أتاوات. ولطالما تطرقت لهذه الظاهرة جريدة التحاد الاشتراكي وللأسف لازالت دار لقمان على حالها. فمن العار أن نرى مثل هذه المناظر التي تقدم صورة سلبية عن فاس العاصمة العلمية للمملكة فمتى ستتخلص مدينة فاس من هذه الظاهرة الغير السليمة عامة ومنطقة النرجس خاصة ؟ فهل ستتحرك الجهات المعنية لإيجاد حلول سريعة وعقلانية لظاهرة مثيرة للقلق أم ستتعامل معها بتراخ وبمبررات واهية عملا بالمثل القائل ؟ كم حاجة قضيناها بتركها.