في مغامرة غير مسبوقة،انخرط المخرج المسرحي حسن علوي مراني في تجربة هي الأولى من نوعها في تاريخ المسرح المغربي حين أشرك أفرادا من فئات عمرية غير متمرسة مصابين بمرض الهيموفيليا ضمن عمل مسرحي جديد بعنوان”إرث من دم” من تأليف محترف نادي المرآة للمسرح بفاس وتأطير الممثلين خالد الزويشي وعدنان المويسي وسينوغرافيا عبد الفتاح بن دعنان وتقنيات خالد الدقاقي فيما التشخيص لمجموعة من المصابين بالهيموفيليا(عدم تختر الدم) وبعض أفراد عائلتهم مدعومين ببعض المحترفين.وتحكي المسرحية التي ستعرض لأول مرة مساء يوم الثلاثاء 17 أبريل 2012 بالمركب الثقافي الحرية بفاس بمناسبة اليوم العالمي للهيموفيليا قصة مجموعة من المصابين بالهيموفيليا يجلسون داخل أحد المستشفيات للتداول في مشاكلهم الصحية.وذات لحظة يبدو لهم أنهم عوض التفكير في مشاكلهم الشخصية،من الأفضل لهم أن يتحدثوا عن مشاكل الآخرين،فيهتدون إلى المسرح باعتباره الوسيلة المثلى لتجسيد المشاكل وتجاوزها في نفس الآن،وخلال ذلك ينخرطون في اللعبة المسرحية بمنتهى المرح والسخرية،ويتمكنون من تفريغ المعاناة والخروج من دائرة المرض إلى مجال التطهر والوقوف عند عتبة الاستشفاء النفسي. وعبر المخرج الذي يعاني في صمت من نفس المرض عن سعادته حول هذه التجربة/المغامرة التي تمكن من خلالها إشراك أفراد هيموفيليين تحولوا إلى طاقات إبداعية نادرة.من جهته،اعتبر المبدع عزيز الحاكم خلال تسييره لندوة صحفية أقيمت نهاية الأسبوع الأخير بمناسبة هذا العمل المسرحي الجديد أن معالجة مختلف العاهات يمكن أن تتم عن طريق الإبداع بل بإمكان الممارسين في الحقل الفني خلق أوراش بأحياء شعبية والاهتمام بالمهمشين. وينهض هذا العمل المسرحي الذي تدعمه كل من الجمعية المغربية للهيموفيليا ومنظمة سويسرية مهتمة بنفس المرض على مبدأ التداوي بالمسرح من أجل استعادة الثقة في النفس وتحدي كل الصعاب الفيزيولوجية والنفسية،ذلك أن هؤلاء المرضى الممثلين عوض الانشغال بحالتهم الصحية التي كانت تشكل لديهم فيما مضى هاجسا يحول دون انخراطهم في المجتمع والبحث عما يريحهم من التفكير في المرض وتحدي الإعاقة،سينخرطون منذ بدء الورشات في أجواء المرح التي يوفرها المسرح،وسيكتشفون مواهبهم الشخصية في التمثيل ليبتعدوا شيئا فشيئا عن ظروف العجز الجسدي ويقتربوا من فضاء الممارسة الفنية التي يتحقق بها التسامي في أعلى مراتبه.والمخرج حسن مراني العلوي ينطلق من حالته الشخصية كمصاب بمرض الهيموفيليا،استطاع بفضل تعاطيه للمسرح منذ أواسط السبعينيات أن يتجاوز المرض ليندمج بشكل عادي جدا في الوسط الفني والاجتماعي بدون أي نقص أو دونية ليصبح من أبرز المخرجين المغاربة،وهذا ما أهله الآن لخوض غمار هذه التجربة التي تربط بين الفن والعمل الاجتماعي،وتحسس المجتمع بضرورة الاهتمام بكل أفراده دون حيف ولا تمييز وتسعى بطريقة احترافية إلى إدماج هذه الفئات المنسية في محيطها وإشعارها بأن الفن ليس مجرد لعبة مجانية،وأن الموهبة ليست وقفا على الأسوياء حجته في ذلك ما تحقق لدى هؤلاء “المرضى” من تحسن ملموس على مستوى العلاقة بذواتهم وبالآخرين من أقارب وأصدقاء. إلى ذلك،تابع جمهور من الحاضرين بعد نهاية أشغال الندوة الصحفية مشهدا مثيرا مجتزءا من ذات المسرحية اختلطت فيه السخرية بالدراما،وقد اندهش الجميع بالمستوى الرفيع الذي أداه المشاركون الذين تحولوا من أفراد عاديين منشغلين بمرضهم إلى ممثلين فرسان قادرين على رفع التحدي. يشار إلى أن مرض الهيموفيليا ويسميه البعض بمرض البورجوازية بسبب تكاليف العلاج الباهضة حيث حقنة واحدة تساوي أزيد من 7000 درهم أو مرض نزيف الدم يعد خللا وراثيا في المادة التي تمنع الدم من التخثر (عامل الدم رقم8).ويتسبب فقدان هذا العامل للمريض في نزيف يشمل مناطق مختلفة من الجسم وذلك عند تعرضه لأي إصابة أو جرح بسيط..