فيضانات إسبانيا: سانشيز يعرب عن شكره للمملكة المغربية على دعمها لجهود الإغاثة في فالنسيا    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية 2025 بأغلبية كبيرة    الصحراوي يغادر معسكر المنتخب…والركراكي يواجه التحدي بقائمة غير مكتملة    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت" (فيديو)    مجلس النواب يصادق بأغلبية 171 برلمانيا ومعارضة 56 على مشروع قانون المالية لسنة 2025    المغرب: زخات مطرية وتياقط الثلوج على قمم الجبال ورياح عاصفية محليا قوية اليوم وغدا بعدد من الأقاليم    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكشف عن قائمة الأسماء المشاركة في برنامج 'حوارات'    خناتة بنونة.. ليست مجرد صورة على ملصق !    جدد دعم المغرب الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة :جلالة الملك يهنئ الرئيس الفلسطيني بمناسبة العيد الوطني لبلاده        إجلاء 3 مهاجرين وصلوا الى جزيرة البوران في المتوسط    حماس تعلن استعدادها لوقف إطلاق النار في غزة وتدعو ترامب للضغط على إسرائيل    محكمة فرنسية تأمر بالإفراج عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج عبد الله بعد 40 عاما من السجن    البرلمانيين المتغيبين عن أشغال مجلس النواب يقدمون مبررات غيابهم ويؤكدون حضورهم    جثة عالقة بشباك صيد بسواحل الحسيمة    لوديي يشيد بتطور الصناعة الدفاعية ويبرز جهود القمرين "محمد السادس أ وب"    مكتب الصرف يطلق خلية خاصة لمراقبة أرباح المؤثرين على الإنترنت    "السودان يا غالي" يفتتح مهرجان الدوحة    حماس "مستعدة" للتوصل لوقف لإطلاق النار    قتلى في حريق بدار للمسنين في إسبانيا    المركز 76 عالميًا.. مؤشر إتقان اللغة الإنجليزية يصنف المغرب ضمن خانة "الدول الضعيفة"        هذه اسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    اقتراب آخر أجل لاستفادة المقاولات من الإعفاء الجزئي من مستحقات التأخير والتحصيل والغرامات لصالح CNSS    كارثة غذائية..وجبات ماكدونالدز تسبب حالات تسمم غذائي في 14 ولاية أمريكية    الطبيب معتز يقدم نصائحا لتخليص طلفك من التبول الليلي    "خطير".. هل صحيح تم خفض رسوم استيراد العسل لصالح أحد البرلمانيين؟    التوقيت والقنوات الناقلة لمواجهة الأسود والغابون    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    وكالة الأدوية الأوروبية توافق على علاج ضد ألزهايمر بعد أشهر من منعه    بمعسكر بنسليمان.. الوداد يواصل استعداداته لمواجهة الرجاء في الديربي    مدينة بنسليمان تحتضن الدورة 12 للمهرجان الوطني الوتار    ارتفاع كبير في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023    رصاصة تقتل مُخترق حاجز أمني بكلميمة    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة        الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    جدعون ليفي يكتب: مع تسلم ترامب ووزرائه الحكم ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا مصداقية لمباريات توظيف أساتذة التعليم العالي
نشر في تازا سيتي يوم 02 - 03 - 2014


عفوا معالي الوزير لحسن الداودي:
لا مصداقية لمباريات توظيف أساتذة التعليم العالي
د. حبيب عنون *

فات وأن صرح لحسن الداودي وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر بكون موقع الدكاترة يوجد بين أحضان الكليات والمعاهد عوض تواجدهم بالإدارات العمومية. ويندرج هذا التصريح، حسب وجهة نظره، في إطار التقليص من الخصاص الذي تعاني منه مؤسسات التعليم العالي العمومي. هذا مع العلم أن وجهة نظر وزير التعليم العالي لا تستند لأي أساس علمي بل، وبدون علم، فهو يقزم من دور الإداري والذي ربما، حسب اعتقاد الوزير، لا تتطلب أعماله بذل مجهود فكري وفي هذا انتقاص لأهمية المؤهلات العملية والعلمية المتوفرة أو تلك الواجب توافرها بفضل ضمان استفادتهم من التكوين المستمر وتسهيل متابعة دراستهم الجامعية من خلال إلغاء تقادم الشواهد لكونه يفتقد لأي سند قانوني كوني. أما دكاترة الجامعة، فمع بعض الاستثناءات، وخصوصا مع التغييرات العبثية التي شهدها مسار تكوين جلهم وتخرجهم تم إدماجهم، فقد باتوا بدون قيمة مضافة لا لفائدة الطلبة ولا لفائدة الوطن. وهذا بشهادة واقع تدني المستوى الجامعي والذي يعتبر من بين الإشكاليات الكبرى التي تعيق نمو الفكر المغربي وبالتالي تعيق تألق مختلف مجالاته إن على المستوى السياسي أو على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي. فكم من إداري لا يستطيع إلقاء محاضرة وكم من دكتور لا يستطيع تدبير شؤون مصلحة إدارية. فالمنطق يلزم المزج بين مؤهلات الجامعي ومؤهلات الإداري في فكر موحد وهذا لن يتم إلا بإعادة النظر في مضمون ومنهجية إعداد مؤهلات الغد.
1- منطق وقانونية مباراة إدماج الموظفين الدكاترة ضمن أساتذة التعليم العالي
إذا كان منطق وزير التعليم العالي هو تقليص الخصاص الذي تعاني منه الجامعات المغربية من أساتذة في بعض أو جل التخصصات فالمنحى الموازي له هو إفراغ الإدارات والمؤسسات العمومية المغربية من مؤهلاتها الفكرية هذا في وقت لا تزال الإدارة العمومية لم تتخطى بعد سلبيات المغادرة الطوعية. فأما إذا كن الهدف المنشود هو التقليص من الخصاص في مختلف الكليات الغربية، فمن واجب المرء أن يتساءل عن كيفية إحصاء هذا الخصاص وهل ثمة آلية لضبط احترام أساتذة التعليم العالي للحصص الزمنية المخصصة لهم للتدريس، هذا دون الحديث عن مضمون ما يدرس للطلبة. قد يتحدث البعض عن الاستقلالية الممنوحة للمؤسسات الجامعية قصد حجب مراقبتها لكنوها في واقع الأمر ليست باستقلالية بقدر ما هي عبثية في التدبير الإداري وفي التأطير الطلابي. وعلى أية حال، وبناء على قرارات اتخذت، على أساس اتفاق، بين الوزير الداودي ومختلف مسؤولي المؤسسات الجامعية والمعاهد كما هو مشار إليه على صفحات الجريدة الرسمية الخاصة بالإعلان عن إجراء مباراة معينة تم تدشين سلسلة مباريات وما هي بمباريات لكونها تفتقد لمبدئي المساواة والشفافية المنصوص عليهما دستوريا.
2- غياب مبدئي المساواة والشفافية
يبرز من خلال الوجه الخفي الذي أجريت به مباريات توظيف أساتذة التعليم العالي التغييب الفعلي وغير المعلل لمبدأ المباراة والذي أقرته صوريا وليس فعليا الحكومة الحالية ذلك أن عدد المناصب موضوع المباراة التي تم الإعلان عنها من طرف الكليات والمعاهد سواء على مواقع هذه المؤسسات أو على موقع وزارة الوظيفة العمومية وتحديث القطاعات لم تكن في واقع الأمر سوى عدد الموظفين الإداريين المتواجدين بذات المؤسسات حيث أن من بينهم من كان في وضعية الموظف الإداري النظامي مع تكليفه ببعض الدروس ومن بينهم من كانت ذات المؤسسات تنتظر مناقشته لدكتوراه، حتى لو تطلب ذلك تأجيل تاريخ عقد لجنة المباريات. فالأمر جلي بالنظر للمدة الزمنية التي حصل فيها بعض الموظفين على شهادة الدكتوراه وتاريخ انعقاد لجنة الإدماج. بل أغرب من ذلك، أنه بعض المباريات قد تم الاعلان على إجراءها منذ شهر نوفمبر 2013 واستدعي المرشحون للمثول أمام لجنة الإدماج ولا زالت إلى حدود شهر فبراير 2014 لم تعلن رسميا عن النتائج أي أنه منذ أربعة أشهر لم يعلن بعد عن النتائج. فما تمت الاشارة إليه أعلاه بخصوص عدد المناصب المعلن عليها قصد التباري لم يكن سوى عدد الموظفين الاداريين المتواجدين داخل المؤسسات الجامعية والمعاهد والتي كان يرغب في تسوية وضعيتها الادارية من خلال الانتقال من وضعية موظف إداري إلى أستاذ جامعي مساعد. وبالتالي فهل يرضى الوزير الداودي بأن يصدق المواطن المغربي وخصوصا الدكاترة المرشحون لاجتياز مباراة ولوج سلك التعليم العالي بخصوص التوافق المستتر بين وزارته ورؤساء الجامعات والمعاهد قصد تخصيص المناصب المعلن عنها للموظفين الاداريين المتواجدين داخل المؤسسات الجامعية ؟ وإذا كان الأمر على هذا النحو فلن يكون من الاخلاقي أن يتم الاستهزاء بباقي المرشحين الذين توافدوا على الجامعات ومثلوا أمام اللجن في حين أن المثول أمام هذه اللجان لم يكن سوى صوريا. كما أن إشهار اعلانات المباريات على موقع الوظيفة العمومية لا يتم تتميمه بالاعلان عن النتائج ومن فعلا نجح ليتأكد للمواطن المغربي مدى مصداقية الشفافية التي يدعى أنها ميزت هذه المباريات. أو ربما قد يتأكد للمرشحين أن ما كان بالأمس لغزا أصبح جليا لكون من نجح في الامتحانات كانت مناصب محجوزة ليتم على أساس نشر لوائح الناجحين هم فقط الموظفون الاداريون الذين كانوا يشتغلون بالجامعات والمعاهد ولتكون المباريات ليس هدفها هو البحث عن مؤهلات علمية وعملية ترقى بالمرفق الجامعي بل البحث عن سبيل لتسوية وضعية إداريين بتحويلهم إلى أساتذة التعليم العالي. فعلى الصعيد الدستوري تعتبر هذه المباريات فاقدة لمصداقيتها لعدم احترامها مبادئ المساواة والشفافية أما قانونيا فمسطرة المباريات تم التحايل والتغاضي على مراحل تمريرها علاوة على غياب القانون المتعلق بهذه المباريات والتي من شأنها ضمان احتفاظ المرشح الناجح بأقدميته الإدارية عند اندماجه بسلك التعليم العالي.
3- مضمون الإعلان عن المباريات وغياب مصداقية لجن الإدماج
فبالنظر إلى مضمون إعلان المباريات وجبت الاشارة علاوة على عدم تحيينها حيث ظلت على حالها كما كان معمولا به كالادلاء ببطاقة التعريف الوطنية البيوميترية ومعها نسخ عقد الازدياد مع العلم أن الأولى تحجب الثانية، فقد لامس العديد من المرشحين أن الوثائق التي تطلبها بعض مؤسسات التعليم العالي تتجاوز ما هو معلن عنه. وإذا كان من الازم بقوة القانون الاداري أن تمنح الجامعة وصل إيداع ملف الترشح لكل من أودع ملفا متكاملا في الآجال المعلن عنها فالجامعة ومعها عدة معاهد ترفض رفضا قطعيا منح أي توصيل يتبث إيداع ملف الترشح لتبقى احتمالية إدراج ملفات مرشحين "أشباح" بعد التاريخ المعلن عنه أمرا جد وارد وهذا تلاعب خطير قانونيا في غياب أية رقابة من الوزارة المعنية وبموازاة مع هذا ففي ظل هذه العبثية بإمكان إتلاف ملف أي مرشح لكونه لا دليل له على كونه قد أداع ملفه. علاوة على هذا هناك أمر وجبت إعادة النظر فيه لكون قد يكون حاسما في اختيارات لجنة الادماج ويتعلق الأمر بالملف العلمي المشار إليه في إعلان المباريات. أولا، ليس هناك إجماع بين لجن الادماج في مختلف الجامعات والمعاهد حول مضمونه وهذا يطرح إشكالية كبيرة وجب على الوزارة الوصية تحديد معايير جدية متفق بشأنها ذلك أن لجن تتبنى وتناقش ما يتقدم به المرشح من أعمال ومقالات (...) في حين أن لجنة جامعة أخرى تنبذ وترفضه كملف علمي. بل الأغرب من ذلك، كون مرشحين لا يتوفرون ليس فقط على ملف علمي متضمن لمجموعة أبحاث ومقالات وغيرها بل ليس لديهم ولو مقال ليطرح سؤالين: ما هو المعيار الذي اعتمدته هذه اللجنة أو تلك لرفض أو لقبول مضمون الملف العلمي للمرشح ؟ ويتساءل المرشحون عن ماذا ناقشت لجنة الإدماج مع مرشحين بدون ملفات علمية ؟ ليث السيد الوزير يفرض تسجيلا لما يروج أثناء المثول أمام هذه اللجن ليشهد على العبثية والاستهتار الذي تدار به المباريات الشفهية. الغريب يكمن في الاعلان عبر الجرائد الوطنية عن عدة خروقات عاينها المرشحون ولم تأمر الوزارة المعنية بأية تحقيق ولم تهتم المؤسسات المعنية حتى بالرد على ما ينشر قصد تنوير الرأي العام وليبق ما نشر في الصحافة حقيقة. إذا كانت استقلالية الجامعة بإمكانها التصدي لأية مساءلة من طرف الوزارة المعنية فلا أعتقد أن مبدأ الاستقلالية سيعلو على مقتضيات دستور المملكة وعلى شعار محاربة الفساد وتفعيل الحكامة في تدبير الموارد البشرية وتخليق الحياة العامة التي رفعته حكومة بنكيران خصوصا وأن الأمر يعنى بمجال صنفته الهيآة الدولية في أدنى المراتب.
4- محاولة بنكيران رئيس الحكومة لإنقاذ ورطة وزارة التعليم العالي
إذا كان ما سبق ذكره يعلل عدم مصداقية مباريات إدماج الموظفين ضمن سلك التعليم العالي فموقف السيد بنسودة الخزين العام للمملكة يعزز هذا المنحى بعدم قبوله صرف أجور "الناجحين" من ميزانية مؤسسات ومعاهد التعليم العالي ليضع مبادرة الوزير الداودي في مأزق إلى حين صدور القانون الذي ستستند عليه مثل هذه المباريات. ولتجاوز هذا المأزق طلب رئيس الحكومة السيد بنكيران من مختلف الوزارات التي نجح موظفوها الدكاترة بالاستمرارية في منحهم أجورهم المعتادة إلى حين صدور قانون تسوية وضعيتهم. إلا أن الوضعية الإدارية لهؤلاء الموظفين باتت غير قانونية لكونهم أصبحوا في وضعية إيداع أي الموظف المودع رهن إشارة مؤسسة معينة وهنا تكمن إحدى أوجه الخلل القانوني في تدبير هذه المباريات ذلك أن قانون إيداع موظف مغاير لقانون إجراء المباراة بل أكثر من ذلك ربما قد يجد بعض الموظفين الملتحقين بسلك التعليم العالي بلا أجرة خصوصا أن الالتحاق بالمؤسسة الجامعة عقب المباراة يستوجب تقديم الموظف لاستقالته من إدارته أو مؤسسته الأصلية. وعليه فمطالبة بنكيران مختلف الوزارات بالاستمرارية في تمتيع الموظف الملتحق بالتعليم العالي بأجرته تبقى بدعة قانونية لا سند لها وهي في نفس الوقت مبادرة قصد تجنب بروز فصيل جديد من المعتصمين أمام مقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر مطالبين بتسوية وضعيتهم خصوصا أولئك الذين قدموا استقالاتهم من مؤسساتهم الأصلية والتحقوا للتدريس بالجامعات أو المعاهد العليا. فأما مطالبة رئيس الحكومة باستمرار الوزارات بدفع رواتب موظفين التحقوا عبر مباراة للتدريس بسلك التعليم العالي بعد رفض الخازن العام للملكة قانونيا التأشير على دفع هذه الرواتب من الميزانية الخاصة بهيأة التدريس بالتعليم العالي، فهو إجراء لا قانونية له بل هو مجانب لقوانين الوظيفة العمومية ولا يهدف إلا إخماد فضيحة وزارة التعليم العالي التابعة لحزب العدالة والتنمية ذلك أن الموظفين الدكاترة الناجحين باتوا لا هم في مناصب إداراتهم الآصلية بعد نجاحهم في المباراة وتقديم استقالاتهم ولا هم بأساتذة التعليم العالي.
5- وماذا بعد ؟
لا بعد ولا قبل كما يقال بالعامية المغربية. إذا كان المواطن المغربي قد صوت على دستور التغيير اتجاه المساواة والعدالة والمحاسبة وغيرها من الحقوق الكونية، فهو يرغب في التنزيل الفعلي والقويم لمقتضياته. وإذا أقامت الحكومة الدنيا وأقعدتها قصد إقرار مبدأ التباري بهدف الحصول على منصب فعلى ذات الحكومة تنزيل قوانين المباريات وتحيينها وفق مقتضيات الدستور لا أن تكتفي بالاستمرارية في تدبير المباريات وفق قوانين ومساطر باتت متجاوزة دستوريا ابتداء 1- من صياغة الإعلان عن المباريات والذي وجبت أن يتطابق مضمونه مع ما تطالب به المرشح مختلف المؤسسات والمعاهد الجامعية من وثائق مع تحديد نموذج موحد للسيرة الذاتية للمرشح علاوة وخصوصا تحديد معايير موحدة لمضمون الملف العلمي. 2- إلزامية موافاة المرشح بوصل إيداع ملف ترشحه بعد التأكد من جاهزيته. 3- ضرورة إعادة النظر في طريقة اشتغال لجنة الإدماج بالكليات وما وجب أن تمتحن فيه المرشح ذلك أنه إذا كان الإعلان ينص على مناقشة الأطروحة أولا تم مختلف الأعمال العلمية للمرشح فالواقع يشهد بعدم احترام ما حث الإعلان على مناقشته. 4- ضرورة إعادة النظر في تركيبة أعضاء اللجن تجنبا لكل محسوبية أو قرابة. 5- ضرورة إطلاع المرشحين بتعليل نجاحهم أو رسوبهم تفعيلا لمبدأ الشفافية ذلك أن القول بكون القانون يمتع اللجن بكامل الصلاحيات في إطار استقلالية الجامعة فهذا قول وقانون بات متجاوزا بالنظر لمقتضيات الدستور التي تنص على الشفافية والحق في الحصول على المعلومة فالقانون المؤطر لاشتغال لجن الإدماج بمؤسسات التعليم العالي لا يجب ولا يمكن أن يعلى على مقتضيات الدستور. 6- ضرورة الإلتزام بتحديد تواريخ إجراء المباريات والإعلان عن نتائجها إذ كيف يعقل أن لجنا عقدت في دجنبر وما زالت لم تعلن عن نتائجها. وبهذا الخصوص وجب على وزارة الوظيفة العمومية وتحديث القطاعات أن لا تكتفي بنشر الإعلانات بل وجب عليها نشر نتائجها وكذلك الشأن بالنسبة لمواقع مختلف الكليات أو أن تهتم وزارة التعليم العالي بهذا الأمر حتى نتجنب الغموض ونجنب المرشحين من كثرة مهاتفات مصالح الموارد البشرية التي تكتفي بالقول حين ستتوفر لديها النتائج ستتصل المصلحة بالمرشحين الناجحين.
6- من أجل مباريات نزيهة
في إطار الأجواء السلبية التي يتم تنظيم مباريات الالتحاق للتدريس بسلك التعليم العالي وما ينجم عنها من شكايات وإلغاء لنتائج بعضها وما يصرح الوزير الداودي به من تواجد تلاعبات وفساد ينخر مجال ينتظر منه التعالي عن هذه الأخلاقيات والممارسات والتي من شأنها فقدان ثقة المؤهلات المغربية في الاندماج في مؤسسات التعليم العالي والمساهمة في الرقي بمستواها الفكري والعلمي عوض الانضمام إلى جامعات أجنبية. وقصد تجنب هذا الواقع السلبي بخصوص المباريات وما تشوبه من شوائب منحطة يمكن اعتماد نموذجين آخرين قصد إنجاح المباريات وذلك انطلاقا من كون لا قانون يعلو على مقتضيات الدستور خصوصا وإن كان قانونا بات متجاوزا وبالتالي وجبت إعادة النظر فيه:
* النموذج الأول: تأطير وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر للمباريات: فعلاوة على ما تم اقتراحه بخصوص تجديد مضمون الإعلان، بإمكان الوزارة المعنية تجميع ملفات المرشحين لدى مصلحة الموارد البشرية على أساس أن تقوم مصالحها بتعيين لجن مكونة من جامعيين ومفكرين وإداريين ورجال أعمال (...) تعهد إليها اختيار الأطر المؤهلة المقبلة على الاندماج بسلك التعليم العالي بعيدا عن كل توافق مسبق بين مكونات اللجن ذلك أن التوافق وجب أن يكون حول معايير الأهلية العلمية والتأطيرية. ليتم بعد مرحلة المثول أمام هذه اللجن الإعلان عن الناجحين مع تقديم تعليل لغير الناجحين بكل موضوعية. فيستدعى الناجحون إلى مقر وزارة التعليم العالي ليتم بحضورهم تنظيم قرعة بخصوص تعييناتهم بالمؤسسات أو المعاهد الجامعة التي أعلنت حاجتها لأساتذة جامعيين.

* النموذج الثاني: إذا رغب البعض في إبقاء الحال على ما هو عليه بخصوص تنظيم مباريات ولوج التدريس بسلك التعليم العالي، فعليهم أن يختاروا بين الاستمرارية في الفضائح والشكايات المتعلقة بهذه المباريات من جراء المحسوبية والقرابة والرغبة في الاختراق الحزبي للمجال الجامعي والتي من شأنها أن تجر هذه المؤسسات اتجاه المحاكم الإدارية وبين القطيعة مع هذه الأجواء السلبية التي تمس بسمعة الجامعة المغربية وتدني مستوى منتوجها وذلك باعتماد لجن الإدماج مختلطة على سبيل ما تم ذكره سالفا وشريطة أن يضم الاعلان عن المباراة بندا جديدا يستثنى بموجبه ترشح أي مرشح ينتمي لنفس المؤسسة الجامعية. ذلك أنه إذا كان ما يهم هو البحث عن مؤهلات علمية وعملية دون خلفيات، وإذا كان المرشح متأكدا من مؤهلاته فبإمكانه إبرازها أمام أية لجنة خارج المؤسسة التي يشتغل بها. ليس هذا بإقصاء ولكن واقع الحال يتطلب تفعيله.
7- هل لمختلف هذه المباريات خلفية سياسية ؟
يظل التساؤل المحير القائم والدائم هو ما المنتظر من الانتهازية، تحت مظلة استقلالية الجامعة، التي تتبناها لجان إدماج أساتذة التعليم العالي ؟ فالانتهازية والفساد ستضلان إرثا لصيقا بالمرشح الناجح وبالتالي من الأكيد أنهما ستطبعان مساره أثناء مزاولته لمهامه بالمؤسسات والمعاهد الجامعية ولا يجب أن نندهش أو نتساءل، إذا ما بقي الحال على ما عليه، حال اختلطت وامتزجت فيه الاستقلالية بالعبثية والغش والمحسوبية والقرابة، عن أسباب تدهور الفكر والإبداع بالجامعة المغربية وهجرة المؤهلات الجادة في مختلف الشعب إلى خارج البلاد. لا نرغب في إطفاء صبغة سياسية لهذا المقال ولكن ثمة أصوات تهمس بكون المباريات الحالية في شموليتها وفي شتى المجالات إنما هي في جوهرها محاولة لاقتحام ولتجدر أوفياء حزب العدالة والتنمية في دواليب الادارات العمومية والمؤسسات الجامعية لكون الحزب بدأ يعي ويزن حق وزنه كون الاستوزار غير كاف ولا يجب أن يكون غاية الحزب لكونه لا يعد أن يكون إلا تنصيبا وانتدابا مرحليا سواء طالت مدة الانتداب أم قصرت وبالتالي فما من شأنه أن يضمن لحزب الفانوس نوعا من الاستمرارية هو ضمان توفير قاعدة أطر تشكل عموده الفقري المستقبلي داخل مختلف مواقع تدبير الشأن العام. وبالتالي فتأكيد بنكيران سلفا على كونه كان يفضل حسب قوله "يهوديا ذو مؤهلات على عدلي تنموي دون مؤهلات" لم تكن سوى دعابة سياسية ومزحة يؤكدها واقع الحال.
* باحث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.