سبحان الله مع بزوغ شمس إمتحانات الباكالوريا، يبدأ الكل في علك علكة محاربة الغش في الإمتحانات علما بأن الظاهرة هي نتجية مجموعة من التورمات السرطانية التي تنخر بيئتنا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ، فالغش ساهم في نجاح العديد من المقاولات لتتربع على على علامات الجودة، لكن بطرق التدليس، وتختلف هذه الآفة من ميدان إلى آخرفي البناء، في الوجبات ، في العلاقات العامة، في المشاريع.... وهلما جرا فمعضلة الغش في التعليم أصبحت ظاهرة مألوفة بكثرة وسط القطاع التربوي الذي توالت أعطابه ولم تنفع معها الوصفات الخارجية لمنح شهادة الباك قوة الإبراء التربوي الوطني لتضاهي باكات دول التي تأتي في مراتب أقل منا إقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
فالمغرب أخطأ الموعد مع إصلاح المواطن وجعله يشع بالإستقامة فالرشوة والمحسوبية والزبونية والغش أصبحت ذات تمظهرات مجتمعية وسيكولوجية وإدارية سرت في جسم المواطن كالنار في الهشيم فلا يمكن أن تطلب من تلميذ أن لا يغش في الإمتحان بمجرد صدور مذكرة تجرم ذلك وتعتبره أمرا خطير يستوجب الردع والعقاب أين هي المصاحبة التربوية والسيكولوجية للتلميذ سواء وسط الأسرة أو المدرسة أو محيطه ؟ أين هي دروس الوعظ والإرشاد التربوي ؟ هل وضعت الوزارة بحثا أو دراسة حول ظاهرة الغش وكم رصدت لها من أموال ؟؟
طبعا لا شيء، لسبب بسيط هو أن السياسة في المغرب فاسدة وأُفْسدت وفق خطط ممنهجة أدت إلى ماهو الحال عليه، فالفساد الإنتخابي كرس الغش كوسيلة من وسائل الوصول إلى أصوات الناخبين وبالتالي الوصول إلى قبة البرلمان وممارسة حق تشريع القوانين على المقاس.
فالإستثمار في العنصر البشري لم يعد مجديا في ظل مجتمع هو كله حقل ألغام وقوالب جاهزة لسياسة دولة تخلفت عن ركوب قطار التنمية الإجتماعية منذ زمن بعيد فالتلميذ كائن بشري تنشئته وتربيته تتطلب مصاحبة مادية ومعنوية طيلة مشواره الدراسي الذي يستمر 17 سنة بالتمام والكمال وتتطلب زرع ثقافة الإستقامة التي يجب أن تكون لها امتدادات في محيطه الأسري والمجتمعي والإقتصادي والسياسي ككل، فبناء الإنسان ليس سهلا ويتطلب مجهودات كبيرة وجرأة الفعل قبل القول فلا يمكن لنا أن نطلب من تلميذ بأن يكون نزيها ومستقيما في ظل سياسة عمومية كاذبة وغشاشة لأنه لا يستقيم الظل والعود أعوج! .