جرت مؤخرا مناظرة بين عالمين جليلين من علمائنا الكبار، والأمر يتعلق بالأستاذ الجوكير أحمد عصيد، وقد سميته جوكيرا لأنه لم يترك مجالا لم يحشر فيه أنفه، وبين عالم النوازل والصواعد عبد الباري الزمزمي الذي بفضله ولله الحمد أصبح المغرب مشهورا في عالم الفتوى، كما أنه حقق لنا اكتفاء ذاتيا في مجال الفتوى ولم نعد في حاجة إلى استيرادها من دول المشرق، بل وأصبح منافسا قويا لا يشق له خضار عفوا غبار، ومن هنا أنا أدعو السيدة شميشة أن تقوم باستضافته في برنامجها الشهي للاستفادة من خبرته في مجال الخضر والفواكه.
قلت لقد جرت مقابلة بين هذين الإسمين البارزين في الساحة الوطنية، وللحقيقة وللتاريخ فالأستاذين الكريمين وجهين لعملة واحدة، فعصيد نموذج للعلماني الذي يظن أنه يفقه في كل شيء ويتكلم في كل شيء، ولا شيء يستعصي عليه، فهو عالم اجتماع يفتي بأن المغاربة منافقين، ويعانون من مرض نفسي خطير يتمثل في الشيزوفرينيا، فنحن المغاربة نعاقر الخمر، ونوقع في نفس الوقت على عرائض تمنع فتح الحانات، وهو عالم لسانيات حيث أفتى بمنع أي كان أن يناقش الخط الذي كتبت به الأمازيغية ولو من باب العلم، وإلا فإن ذلك يعني معاداة الأمازيغية، رغم أنها ملك لجميع المغاربة دون استثناء، وهو المؤرخ الذي يطعن في تاريخ المغرب، وهو المفتي الديني الذي يبيح للمغاربة التسوق من محلات "السكس شوب"، وهو السياسي المناضل الذي لم يسمع له صوت في المعارضة إلا عندما صعد أصحاب اللحي إلى السلطة، وراح يحذر من أخونة المجتمع وهلم جرا من المصطلحات الغليظة التي يستعملها الإخوان العلمانيون في المشرق، وهو لا يجد حرجا في ترديد كلمات وعبارات نبتت في الشرق العربي الذي كان عصيد ولا يزال يراه أنه من أسباب تخلفنا، وهو أيضا المناضل الحقوقي الذي يدافع عن حقوق الإنسان من منظور كوني ولا تستغربوا إن شاهدتم السي أحمد يلبس جبة الاقتصادي ليعطينا حلا لهذه الأزمة الاقتصادية التي ورطتنا فيها هذه الحكومة، فهنيئا لنا معشر المغاربة بعصيدنا، لأن والله باباه أوباما ماعندو بحال هاد السيد.
نعود إلى الشخصية الثانية التي حبا الله بها مغربنا الحبيب، وهو السيد العلامة البرلماني المفتي عبد الباري الزمزمي أطال الله في عمره، فهو الشيخ الجليل الذي سارت بذكره الركبان ووصلت صدى فتواه سائر الحقول والأمصار، هو السيد الزمزمي صاحب الصواعد والنوازل، هو من أفتى بجواز ممارسة الجنس مع الزوجة الميتة، وهو من أفتى بجواز استعمال الجزر في العادة السرية لمن أراد طول النظر، وبهذه الفتوى يكون الشيخ قد فند تلك النظرية التي تقول بأن ممارسة العادة السرية تضر بالنظر، لهذا بشرى لكم يا ممارسي العادة الجزرية لأنها تطيل النظر والعمر والله أعلم، ومن آخر ما أتحفنا به العالم الوقور تحريمه لأكل الحلزون، وهو من أفتى بجواز طلب الحصول على مأذونية رغم تمتعه بصفته البرلمانية.
وعندما يسأل الشيخ المفتي عن سبب فتاويه الغريبة يقول أنه لا يستطيع أن يسأله شخص في مسألة ما ويرده خائبا، وهو يعمل بمبدأ تقريب الفتوى من المواطنين، ألم أقل لكم بأننا محظوظون بوجود أشخاص مثل عصيد والزمزمي في بلدنا؟ فهما لا يستطيعان منع حشر أنفيهما في كل شاذة وفادة في مجتمعنا.
والمناظرة الأخيرة بينت أن هذين العالمين الجليلين، ناقشا كل المشاكل الدسمة التي تؤرقنا و وصلا في النهاية إلى التحلية بالديسير أي الجزر والدلاح.
سيدي عصيد الزمزمي، اسمح لي أن أقول لك إننا في المغرب بحاجة إلى من يجمعنا، لا إلى من يفرقنا، نحن مغاربة بغض النظر عن أي شيء لا فرق بين عربي ولا أما زيغي ولا يهودي ولا مسيحي ولا لا ديني إلا بالمواطنة، قد نختلف أنا وأنت في مرجعياتنا لكن لا نختلف على مصلحة وطننا، سيدي الزمزمي عصيد نحن بحاجة إلى فتاوى تخرج العقول من ظلام الخرافة والجهل إلى نور الحق نور الإسلام الحقيقي، فعوض أن تفتي باستعمال الجزر أفتي بأن يتحلى الشباب بالعفة وطالب كما طالبت أنت بالحصول على مأذونية بأن يحصل شباب بلدك على عمل شريف يستطيعوا به أن يتزوجوا وذلك أفضل علاج للعادة السرية، وإن كنت ترى أنك أحق بالحصول على مأذونية لأن دخلك محدود فنهاك يا سيدي من دخله معدوم، فمن منكم أحق بالأعطية؟ بالله عليك هل تنام قرير العين وأنت تعرف بأنك أصدرت فتوى تبيح ممارسة الجنس مع جثة؟ هل هذا يستقيم والعقل السليم وديننا الحنيف؟ سيدي الفاضل أنت أعلم مني بالحديث الشريف المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت".
إذن أيها المتناظرين فلتقولا خيرا أو لتصمتا، لأن في الصمت حكمة.