أصبحنا في المغرب نعيش مسلسلا مكسيكيا بامتياز لا ندري متى تنتهي حلقاته، ففي كل يوم حدث جديد وفي كل جلسة برلمان أو جلسة مستشارين تنفجر قضية مثيرة وفي كل خرجة لرئيس الحكومة نكتة جديدة وهلم جرا من أحداث شيقة في هذا المسلسل الجديد الذي دشن بصعود حزب العدالة والتنمية من المعارضة إلى المشاركة في الحكم، ولعل من حسنات هذه الحكومة التي يقودها بي جي دي سواء اتفقنا معها أو اختلفنا أنها أعطت نفسا جديدا للحراك السياسي المغربي ومنحت طعما آخر للأحداث السياسية والاقتصادية التي يمر منها المغرب، ولن أبالغ إن قلت بأن الربيع العربي كان في المغرب بمذاق خاص، وما من شك أن الأجيال التي ستأتي بعدنا وتقرأ ما نعيشه نحن الآن، ستتكرشخ من الضحك وتتكرشخ من الاستغراب وتتكرشخ من الغضب. وزراء العدالة والتنمية وكذلك نواب العدالة والتنمية و(المعارضة) هم أبطال هذا المسلسل الشيق، وكما في جميع المسلسلات هناك الطرف الشرير والطرف الطيب، وحتى لا نسبق الأحداث سنبقى نتفرج إلى أن تفضح الأيام من الطيب ومن الشرير.
نعود إلى فصل من فصول هذا المسلسل المضحك المبكي، وهو الذي بدأه البرلماني الوجدي المثير للجدل عبد العزيز أفتاتي الذي ثارت ثائرته من كثرة مزايدة (المعارضة) على الزيادات الأخيرة في المحروقات واتهم وزيرا سابقا للمالية بتلقيه 40 مليون سنتيم تحت الطاولة، وهذا يعني بلغة العارفين أن هذا الوزير كان يأخذ 40 مليونا بالإضافة إلى راتبه المتواضع، طبعا هذا الكلام غير المسؤول من مسؤول برلماني أثار حفيظة أعضاء حزب الأحرار بما أن الوزير المعني هو صلاح الدين مزوار وأثار معه حتى حمية حزب الأصالة والمعاصرة الذي عمل بمبدأ انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فانسحب هو الآخر من مجلس المستشارين، وهذا ما يقتضيه مبدأ التعاون والتآزر بين (المعارضة).
البرلماني أفتاتي اتهم مزوار بتلك التهمة والحزب أرغد وأزبد وطلب بفتح تحقيق والأمور تطورت، إلى حد الساعة كل شيء عادي، لأن مثل هذه الأمور تقع في جميع البلدان الديمقراطية وتحدث مزايدات سياسية بين الحكومة والمعارضة يتم احتواءها من بعد لأنها في الغالب تكون بدون حجج، ويتم سحب الكلام أو الاعتذار ومريضنا ما عندو باس، لكن، مريضنا ولاّ عندو باس، فقد ظهرت معطيات جديدة نشرتها جريدة "أخبار اليوم" بالوثائق ولم يستطع أحد إلى حد الآن أن يكذبها أو يطعن فيها، وسنرى مع مرور الأيام كيف سيتم تبرير صرف تلك المكافآت بين وزير المالية السابق صلاح الدين مزوار وبين خازن المملكة بن سودة، فهاهو عبد الهادي خيرات الاتحادي يقول أن تلك المكافآت كان معمول بها منذ زمن بعيد وأن فتح الله ولعلو هو الوحيد الذي لم يكن يستفيد منها، حسنا يا سيد خيرات لماذا لم يقم وزيركم المحترم بحذفها عندما كان القرار بين يديه؟ ولماذا سكتم عليها كل هذه المدة؟ ثم أليس من واجب (المعارضة) جلها أن تقف إلى جانب الحكومة الآن لوضع حد لهذا الإسراف ولهذا التبذير؟ نتمنى أن تكون المعارضة معارضة ولو مرة واحدة وتطالب بوضع حد لهذه المهزلة.
أبشركم أن صلاح الدين مزوار سيخرج من هذه القضية سالما غانما وأن كل ما في الأمر سحابة صيف عابرة، أما أعضاء حزبه سيبلعون ألسنتهم لبعض الوقت ثم يعودوا إلى عادتهم الجديدة (المعارضة).
ألم أقل لكم أننا نعيش مسلسلا مضحكا مبكيا؟
سيد بن كيران، أنت تعرف الآن أين تذهب أموال الشعب، وأنت تعرف الآن كيفية استخلاصها، وذلك يعفيك من الزيادة في المحروقات، فيكفيك فتح الصناديق السوداء والملونة وبرّع الشعب.
لقد ظهرت وثائق تتبث صرف أموال الشعب دون وجه حق، والبرلماني المنتمي لحزبك يقول بأنه يتوفر على معطيات وإثباتات تؤكد أن ما قاله صحيح مائة بالمائة، فماذا تنتظر؟
إلى اللقاء في الحلقة المقبلة من المسلسل الشيق الحكومة والمعارضة.