كلمة تلوح من بين محيا امرأة عجوز سبقت النكبة و عاشت الهزيمة و حلمت بالانتصار ، حبت على خطب المنابر و أصوات المبشرين الصداحة أن هبوا على الفلاح ، مبشرة بغد مشرق صداح مليء بكل آيات الجهاد و إعلاء الراية ، لتنشر أثوابها في شتاء ماطر بالرصاص و الوعد و الوعيد في صيف حار بالهتافات و الأناشيد و الشعارات العروبية و القومجية (سنرمي أجساد ... في البحر ....) لتستفيق على حقيقة تتجاوز الحلم بالغد إلى لوحة واقع مليء بكل قيم الجمال إلى قيم الحقيقة التي غيبت فجعلت الآخر يحلم و يصعد في فضاء الحلم مسافات ليصل إلى عالم كل ما فيه حلاوة و غد ممتد في منتهى الأفق اللامتناهي ، ينصهر العشق بتراب الوطن المشحون بكل اللغات ، يقف الطفل الحالم بالغد ليتفقد الجثث الممتدة على طول حدود وطني ، من العشق يوجز الخطابة ، يخفت الصوت فتتلاشى الكلمات في فضاء إعلام مدوي إلا بصوت الحقيقة ، لتعلو جثة الشهيد كل تعابير الزور لتصل إلى أفئدة شعوب مكتوية برصاص حمق يسمى عشقا و هدر للدماء باسم محبة الشعب ، هذا الشعب الذي يبقى قميص عثمان الخطيئة العربية التي قدر لها أن تؤدي فاتورة عشق لا يكتمل ، يخفت الصوت و يتلاشى في فضاء إعلام لقيط مؤدى عنه ، مدوي صداح إلا بالحقيقة. يقف ذاك الطفل المشرد و الأنثى الثكلى أمام كل اللغات العروبية ليجد نفسه مكفنا بكل ألوان التيه و التضليل أمام هذا الجني الذي خرج من قمقمه القومجي ليعيث في الأرض فسادا جيئة و رواحا ، ينتفض الطفل من مهده تتلقفه الأم الحنون و تحضنه و هي تذرف الدمع ، ينسل من عشقها الدافئ الممتد ليمتد على طول الخريطة العروبية ، واقفا متأملا فضاء عشق ممتد لا نهائي ، تمتزج الأحلام بالواقع فتنشق الحقيقة لترسم حلم الغد الآتي رغم قساوة الواقع الدامي ، يسير الجرح في امتداد عروبي مفتوح ليلتصق بفضاء الغد الآتي رغم الكيد و الحقد و الضغينة المنكسرة أمام حقيقة الحلم ، هكذا ولد مرتبطا بتراب الوطن الممتد على طول خريطة الجرح ليؤسس للغد فضاء للمحبة و العهد الذي لم يفارق ذاكرته رغم المحاولات المتكررة لمحوها.
لكنها تبقى أبية عصية منيعة مناعة و صلابة جبال الأطلس و الريف ، فلتهم و لتحلم أيها العالق في براثن الوقائع و لتصفق ما بدا لك على انكسارك اليوم قبل الغد ، و لتنشدي أماه صدى شرق تحرر من قمقم ذاك الجني الذي حكم الكون بمنطق الواحد المتوحد العاجز عن الفعل ، قام فانتفض و أعلن بكل اللغات أن الغد ممتد مرسوم بريشة فنان العشق اللانهائي التواق و الحالم بلوحة كل ما فيها جميل ، لأنها بالطبع صورة الملايين التي لا تتوسد على مخدات التضليل و التضبيع و الفساد بكل معانيه ، ملايين تستفيق الصباح لتشق الأرض بحثا عن حبة تعطي رغيف خبز يسد رمقها و جوعها ، حناجر تعلو فتبح من كثرة الصياح أن هبي فالغد لك مزركشا بكل ألوان الطيف الوضاح التي تصنع العشق و الهيام اللامتناهي لمحبة أرض هي كل ما يملك و التي أقسم بأغلظ أيمانه أن لن يبيعها أو يساوم على حبة رمل منها .