حفاظا على الذاكرة الجماعية، تحيي الحركة الحقوقية المغربية يوم المختطف في 29 أكتوبر من كل سنة، انطلاقا من مناهضتها لممارسة الاختطاف السياسي الذي يعتبر من أفضع أشكال القمع الذي عرفه تاريخ المغرب الحديث من جهة، و للتذكير بتاريخ أبرز حالتي اختطاف في التاريخ السياسي المغربي من جهة أخرى، و التي مست كل من القائد السياسي المهدي بن بركة سنة 1965 و المناضل الحسين المانوزي 1972 حيث اختطفا في نفس اليوم -29 أكتوبر- لكن في سنتي مختلفتين. ذكرى أليمة تعيد كل سنة هذا الملف الشائك للواجهة و إلى نقطة الصفر، حيث يتجدد السؤال حول إمكانية التوصل إلى الكشف الكلي لحقيقة أشهر الجرائم السياسية في القرن العشرين بالمغرب، عبر الاستمرار في إحياء هذه الذكرى كشكل من أشكال الحفظ الجماعي للذاكرة المغربية من النسيان باعتبار "لا مستقبل لشعب لا ذاكرة له". ذاكرة تختزل في طياتها، حجم ما عرفه المغرب مند 1956 إلى الآن من عمليات اختطافات و تصفية الجسدية كثيرة جدا مقارنة مع ما أعلنت عنه هيئة الإنصاف و المصالحة في تقريرها الختامي و المتمثل في 742 حالة اختطاف و 66 حالة لا زالت معلقة، تقرير لا يعكس بتاتا الحجم الحقيقي للاختطاف السياسي بالمغرب الذي تؤرخ له عدة أحداث مؤلمة نذكر منها بالأساس تصفية جيش التحرير بالشمال و الجنوب بعد 1956، انتفاضة الريف 1958-1959، الاختطافات التي مست مجموعة شيخ العرب، انتفاضة مارس 1965، الاختطافات التي رافقت اعتقالات مناضلي و مناضلات حركة 3 مارس 1973، انتفاضة 20 يونيو 1981 بالدار البيضاء، انتفاضة يناير 1984، انتفاضة دجنبر 1990 بفاس، الاختطافات التي مست من سموا بالسلفية الجهادية بعد أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية و ما تلاها، انتفاضة سيدي إيفني في يونيو 2008. كل هذا يؤكد حسب الجرد البسيط للأحداث، أن الحقيقة لم تكشف بعد حول الاختطافات و ضحاياها و المسؤولين عنها، و هو ما يستوجب من المدافعين عن حقوق الإنسان خصوصا و الديمقراطيين عموما الاستمرار في النضال من أجل الكشف عن مصير كافة المختطفين مجهولي المصير، و مساءلة كل الذين كانوا مسؤولين و متورطين في الانتهاكات الجسمية التي مست مختلف فئات الشعب المغربي، و التي خلفت من المآسي و العاهات و الآلام التي لا زال الآباء و الأبناء و الأمهات يعيشون أثارها و خاصة منهم الذين لا زالوا يجهلون مصير ذويهم لحد الآن...و حتى لا ننساهم سنستمر في إحياء ذكراهم لنبرهن أن ذاكرة أبناء هذا الوطن لم يطلها النسيان و لا زالت حريصة للوفاء لأولئك الذين ضحوا بأنفسهم، بحرياتهم، بحياتهم من أجلي و أجلك كي نعيش و يعيش أطفالنا حياة كريمة، حياة لا وجود فيها لسنوات القهر و لا الرصاص. حتى لا ننساهم. ----------