من المظاهر التي أضحت تعطي للمدينة منظرا مقززا, انتشار جحافل من الكلاب الضالة التي من المفروض أنها كانت تنزعج من صخب المدينة و كثرة سكانها و عمرانها وحركتها, لهذا تبتعد وتلجا لضواحي المدينة ومطارح الأزبال, أما اليوم فعلى العكس فهي تتجول في أمان و مأمن و بكل حرية وسط المدينة وبين أرجل المواطنين, وتتقاسم معهم أيضا أماكن الراحة والاستجمام كالحدائق العمومية التي تتخذها مكانا لاستلقائها. لقد استوطنت كل المدينة فلم تكتفي بالأحياء الهامشية بل امتد استيطانها إلى بعض الأحياء التي يفترض أن تصنف بالراقية ومن المتوقع أن تعم كل شبر في المدينة في ظل تغاضي السلطات عن هذه الآفة الخطيرة, التي أصبحت تشكل خطرا كبيرا على الساكنة التي دخلت في حالة من الرعب و الهلع خاصة مع تكاثر و تناسل أعداد هذه الكلاب التي تتنقل و تتحرك فرادى و جماعات, فأصبح من المغامرة على المواطن نهرها أو الاقتراب منها لأنها قد تتحول في أي لحظة إلى وحوش كاسرة مسعورة إذا ما تم استفزازها, كل هذا يحدث تحت أنظار السلطات التي لم تحرك ساكنا للخلاص من هذا الشبح المخيف الذي يدخل الرعب لقلوب المواطنين ويحرمهم النوم جراء النباح و العواء. في بداية سنوات الاستقلال كانت هناك عربة مخصصة و قناص لاصطياد الكلاب الضالة, وهي وظيفة خلفها الاستعمار,كانت تجوب الشوارع و أزقة المدينة بحثا عن كل حيوان يهدد راحة الساكنة ويتم اصطياده و إعدامه درءا لكل خطر محتمل, هذا ما لم نعد نشهده, ربما ينتظرون من وراء هذا الصمت واللامبالاة, أن نتعايش وهذه الكلاب و نوفر بذلك تلك الميزانية المخصصة للخلاص من الكلاب الضالة المسعورة. لقد أصبح الوضع مأساويا و يتطلب وضع خطة سريعة لمكافحة استفحال هذه الظاهرة, بدل أن يفرض على المواطن حضر التجوال تفاديا لفتك الكلاب به. باتت مدينتنا مسرحا و مأوى للكلاب الضالة وها هي تقف عاجزة بانتظار تصدق السلطات و المسؤولين عليها و تخليص ساكنتها من العض, هذا إن لم يكن لها ما هو أهم من راحة المواطنين طبعا.