تقرير- د. حميد لشهب، النمسا: احتضنت منطقة الفوخاخلبير النمساوية (غرب البلاد) بين 13 و 15 أبريل 2010 أيام المحلل النفسي و السوسيولوجي الألماني إيريك فروم. و قد نظمت هذه التظاهرة الثقافية من طرف جمعية المغاربة في الدول الناطقة بالألمانية و جمعية مهاجري أمريكا اللاتينية بالفوخاخلبيرغ. و هكذا ألقى د. راينر فونك، أكبر المختصين في فكر فروم، و رئيس الجمعية العالمية له و التي تضم أكثر من عشرة ألاف منخرط من مجموع أنحاء العالم، محاضرة بالمتحف اليهودي بمدينة "هُوهينيمْسْ" يوم 13 أبريل حول: "السلطة المطلقة و العائلة". أدار النقاش مع الجمهور الغفير الذي حضر د. حميد لشهب و هانو ليفي و انتهى اليوم الأول بحفل عشاء مغربي على شرف المدعوين. و من المعلوم أن فروم، و على الرغم من أصله اليهودي، كان ضد السياسة الإسرائيلية اتجاه الفلسطينيين و كان من بين الأوائل الذين نادوا بحل سلمي في منطقة الشرق الأوسط بإنشاء دولتين يعيش الجانبين فيها في سلم. و قد هوجم أنذاك من طرف الصهاينة و لم يسمح بدخول مؤلفاته إلى إسرائيل إلا في السنوات الأخيرة. و استضاف المركز الثقافي الجنوب أمريكي بمدينة "غُوتْسيسْ" لقاء يوم 14 أبريل و حاضر فونك حول موضوع: "فروم و العالم الثالث: إقامة فروم في المكسيك كمثال". فقد عاش فروم ما يناهز 24 سنة بضواحي مدينة مكسيك سيتي، و أنشأ بها أول معهد للتحليل النفسي و قام بدراسة سيكو سوسيولوجية عريضة بها حاول أن يفهم سلوك الإتكال في العالم الثالث. و من المعلوم أن فروم كان ضد الإستعمار و نهب خيرات الدول الفقيرة. بعد المناقشة، انتهى هذا اليوم بحفل عشاء و موسيقى مكسيكيين و أسدل الستار على معرض صور فروم بالمكسيك و قراءة بعض المقاطع بالإسبانية و الألمانية لأحد أهم كتب فروم: "فن الحب". أما في يوم 15 أبريل فكان هناك لقاء مع تلاميذ الباكالوريا من مدينة "لُوسْتنَاو" حول موضوع: "الشباب و مجتمع الإستهلاك" و في المساء كان موعد الجمهور بمركز التكوين المستمر "بَتْشُونْسْ" ب "تْفيشَنْ فَاسَرْ" مع المحاضرة النهائية لفونك حول: "الدين و التدين عند فروم". فقد أكد فروم في كتاباته المتعلقة بهذا الموضوع، بأن التدين هو حاجة نفسية أساسية للفرد، و لا يوجد شخص ليس له توجه تديني. و ليس للتدين المفهوم بهذا المعنى أية علاقة مع الأديان المؤسساتية و بالخصوص الأديان "السماوية"، لأن الأديان استغلت هذه الحاجة النفسية لتطويع و السيطرة على الإنسان. و التدين الذي لا يؤدي إلى مجاهدة النفس الأمارة بالسوء و المنكر هو تدين سلبي، لأن التدين الإيجابي هو الذي يوصل إلى التضامن مع الآخرين و نكران الذات و المحبة و العفو و التحرر من "حطب الدنيا" و الإيمان العميق في الجانب الخير للإنسان و تطوير المجتمعات لتصبح أكثر إنسانية، ترفض العنف بكل أشكاله و الإستغلال و القهر. يَصُبُّ فكر إيريك فروم في اتجاه الفلسفة الإنسانية التي تعترف لكل الثقافات و الحضارات بنصيبها في تطوير البشرية و تدعو للسلم و التعاون بين الشعوب و الأمم و ترفض قطعا كل عنف و كل حرب من أية جهة كانت و تعتبر إيجاد طريق وسط بين "الإمتلاك" و "الوجود" أمثل طريق للمحافظة على كرامة البشر و الطبيعة معا. و قد ترجمت الكثير من كتبه إلى اللغة العربية.