ناقشت قيادات حزبية من الأغلبية والمعارضة، مساء أمس الأربعاء بالرباط، قضايا أساسية متعددة ترتبط، أساسا، بموضوع الأحزاب السياسية ورهانات الانتخابات المقبلة. فيديو وشارك في هذه الندوة، التي نظمها "هنا صوتك" القسم العربي لإذاعة هولندا العالمية، و"مركز هسبريس للدراسات والإعلام"، كل من رشيد الطالبي العلمي عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، وعادل بنحمزة عضو المكتب التنفيذي لحزب الاستقلال، وسفيان خيرات عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ورشيد روكبان عضو المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية. وتناولت محاور هذه الندوة، التي أدارها الأستاذ الجامعي ميلود بلقاضي، قضايا ذات صلة بنمط الاقتراع الذي يتعين اعتماده خلال الانتخابات المقبلة والعتبة الانتخابية، والإشراف على الانتخابات، وحالات التنافي بالنسبة للجمع بين أكثر من مسؤولية ومستوى التكوين لتقلد رئاسة الجماعات الترابية، والمناصفة، وكذا قضايا أخرى ترتبط بالتحالفات السياسية والأوضاع الداخلية للأحزاب ورهاناتها. وقدمت قيادات هذه الأحزاب منظورها ورؤيتها لمجمل هذه القضايا ذات الصلة بمحطة الانتخابات المقبلة والتي تشكل بالنسبة إليها رهانا أساسيا لبلورة مقتضيات الدستور الجديد وفرز نخب ومجالس قوية منتخبة بشكل ديمقراطي وقادرة على الاستجابة لتطلعات المواطنين ومواجهة تحديات التنمية. وبخصوص مسألة نمط الاقتراع والعتبة الانتخابية، اعتبر الطالبي العلمي أن التصويت اللائحي جزء من المنظومة الديمقراطية، ويسهم في الحد من ظاهرة الفساد لكن شريطة أن تتوفر الأحزاب على ديمقراطية داخلية ونخب حقيقية، مبرزا أن نمط الاقتراع هو نتاج مشاورات بين كل الأحزاب وأنه يتعين الحفاظ على التراكمات الإيجابية، فيما اعتبر عادل بنحمزة أن نمط الاقتراع ليس وحده مسؤول عن ظاهرة الأعيان وفساد العملية الانتخابية وأن إصلاح النمط الانتخابي لابد أن يستحضر فرز أغلبية منسجمة لتتحمل المسوؤلة في إطار المحاسبة. وبالنسبة لسفيان خيرات فإن رفع العتبة الانتخابية أمر ضروري لضمان فرز وتقاطب سياسي بالمغرب وتحقيق تمايز بين الأغلبية والمعارضة، وكذا من أجل انتخاب مجالس بأغلبية منسجمة تمكن من تجسيد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، فيما اعتبر رشيد روكبان أن المغرب اختار نهج التعددية السياسية وهو ما يقتضي، حسبه، السماح لكل الفئات والتيارات والمشارب الإديولوجية أن تمثل في الأجهزة المنتخبة، معتبرا أن كلما ارتفعت نسبة العتبة الانتخابية كلما تم إقصاء هذه التيارات وضياع أصوات المواطنين، وأن تخفيض العتبة يبقى الخيار "الأكثر عدالة". وفي ما يتعلق بشرط المستوى التعليمي لتولي مسؤولية رئاسة الجهة أو الجماعات الترابية، أكد سفيان خيرات أن الإرادة السياسية يجب أن تتجه حتما إلى فرض المستوى التعليمي لترؤس الجماعات أو مجلس الجهة، فيما رأى الطالبي العلمي أن المغرب قطع أشواطا مهمة في ضمان حقوق الجميع، وأنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار عدم حرمان أي فئة من المواطنين من الولوج إلى المؤسسات، على أن يتم التركيز على المؤسسة واحترام القوانين والمراقبة، مشيرا، في الوقت ذاته، إلى أن الظرفية الآن تقتضي أن يكون المنتخب حاصلا على حد أدنى من التكوين يتعين تحديده من خلال النقاش العام. وبخصوص قضية المناصفة، أكد رشيد روكبان أن هذا الأمر أصبح مقتضى دستوريا أجمع عليه المغاربة ويشكل رهانا جماعيا من أجل تكريس مناصفة حقيقية داخل الأحزاب السياسية، في أجهزتها التقريرية والتنفيذية، مرورا بالمجالس المحلية المنتخبة، وانتهاء بالبرلمان والحكومة وذلك في إطار نوع من التدرج. من جهته، أكد عادل بنحمزة أن المناصفة أضحت حقا دستوريا وأن الإشكال هو ثقافي اجتماعي بالأساس، مشددا على أنه يتعين على الأحزاب وباقي الفاعلين القيام بعمل عميق لتجاوز العائق الثقافي وتجسيد الإمكانية القانونية والدستورية المتعلقة بالمناصفة على أرض الواقع. وبخصوص النقاش حول الإشراف على الانتخابات، ذكر ممثلا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال بالمقترح المشترك الذي تقدم به حزبهما بشأن إحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، معتبرين أن هناك حاجة إلى هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات تماشيا مع السياق السياسي والتحول الدستوري الجديد و"حتى لا يكون موضوع نزاهة الانتخابات محل طعن من طرف أي حزب". وبخصوص حالات الجمع بين رئاسة مجلس الجهة والجماعة والعضوية في البرلمان أو الحكومة، اعتبر روكبان أن ورش الجهوية المتقدمة بصلاحيات واسعة وميزانية كبرى يتطلب تفرغ الرئيس لمهامه وأنه يستحيل عمليا أن يوفق شخص ما بين رئاسة جهة والعضوية في الحكومة أو البرلمان. وأكد الطالبي العلمي، بدوره، أن مشروع الجهوية الجديد يحتاج فعلا إلى تفرغ وحضور رئيس الجهة وذلك بهدف التمكن من إنجاز البرامج والاستجابة للمتطلبات المتعددة بالجهة، مشيرا، من جانب آخر، إلى تغليبه الاشتغال بمنطق المؤسسة في إطار مجلس منتخب ديمقراطي يحترم المساطر والقوانين وليس التركيز على الشخص. وفي موضوع التحالفات، أكد كل من خيرات وبنحمزة أن ما يجمع بين حزبي الاتحاد الاشتراكي والاستقلال هو تحالف سياسي استراتيجي، فيما يجمعها تنسيق مع باقي أحزاب المعارضة في إطار البرلمان (حزبي الأصالة والمعاصرة والاتحاد الدستوري). وأكد روكبان أن حزب التقدم والاشتراكية تجمعه علاقات تاريخية وطيبة مع القوى الديمقراطية، وأن خوضه التجربة الحكومية الحالية في إطار ائتلاف حكومي يشكل استمرارية للتجارب الحكومية السابقة منذ حكومة التناوب.