يحاول العديد من المهاجرين الأفارقة البحث عن سبل عيش شريفة وهم بذلك يشكلون نماذج حية لمحاولات اندماج بالمجتمع المغربي وبعدما كانوا يحلمون بموطأ قدم بالشوارع الأوربية أصبحوا اليوم جزءا من فسيفساء مدينة طنجة. بأحد الأكواخ المنتشرة قرب منطقة طنجة البالية يقطن كيلان رفقة زملاء له من دول افريقية مختلفة قدموا إلى طنجة بحثا عن فرصة للهجرة نحو الضفة الأخرى لكن مدة الانتظار التي قضاها هنا بطنجة منذ سنة 2006 جعلته يندمج بالمجتمع الطنجاوي شيئا فشيئا" كنت في البداية عندما وصلت إلى هنا خائفا لكن الخوف تبدد" يقول هذا الشاب النيجيري ثم يضيف "حاليا اشتغل بأحد اوراش البناء بمالاباطا في انتظار أن أتمكن من العبور إلى الضفة الأخرى" ليس هذا الشاب وحده من حاول الاندماج بالمجتمع المغربي بل هناك نماذج عديدة فضلوا أن يشمروا عن سواعدهم والعمل بدل طلب المساعدة والتسول في أسواق وقبالة المساجد. عقارب الساعة تدنو من الحادية صباحا، يتجه كيلان نحو احد الأسواق الشعبية بمدينة طنجة عبر إحدى حافلات النقل العمومي "اليوم هو الأحد ونحاول أن نقتني جميع مستلزمات الأسبوع " يقول كيلان موضحا. ويؤكد هذا الشاب البالغ من العمر 26 أن مستوى المعيشة بالمدينة جد مرتفع ولا يكفي في بعض الأحيان لسد جميع الحاجيات ثم يضيف بدارجة مغربية " لفلوس بزاف" .ليس مستوى المعيشة هو ما يقض مضجع أغلبية بل انه الخوف من فقدان العمل "من الصعب أن تجد عملا فكثير من المغاربة يرفضون تشغيلنا وهذا العمل حصلت عليه بصعوبة جد كبيرة لأسباب مجهولة" يقول كيلان شارحا. يعود إلى كيلان إلى منزله بمنطقة طنجة البالية محملا بالخضروات والخبز وما جاد به السوق هذا الاسبوع لتبدأ عملية طهي الطعام بتوزيع دقيق للأدوار بمساعدة زملائه بالكوخ يتحلق هؤلاء حول طنجرة متبادلين أحاديث جانبية بلغات تبدو غير مفهومة. غير بعيد من حي مرشان شرع "حكيم" كما يحلو أن يطلق على نفسه, في العمل كاسكافي قدم هو الآخر منذ عامين " في البداية كنت أظن أنني بمجرد الوصول إلى طنجة سأتمكن من العبور إلى اسبانيا " ويضيف "حكيم" القادم من غامبيا أن الأمور جد صعبة مما توقعت ففضل البحث عن العمل شريف بدل التسول" هذه الحرفة تمكنني من ضمان قوتي ولا اطلب المعونة من احد" تحت مظلة تقيه الشمس الحارقة يجلس حكيم وسط كومة من الأحذية البالية ويشرع في ممارسة اليومي من العاشرة صباحا إلى الخامسة مساء. حسب تقارير غير رسمية فأن أعداد المهاجرين الأفارقة الذين يستقرون بالمغرب يبلغ حوالي 15 ألف مهاجر يتوزعون على مدن مغربية مختلفة بنسب متفاوتة وفي مقدمة هاته المدن طنجة الرباطالعيونوجدة والناطور. تقترب عقارب الساعة الخامسة يتوجة حكيم في احد الأحياء القديمة بمدينة طنجة في اتجاه ساحة 9 ابريل ليأخذ سيارة أجرة في اتجاه منطقة مسنانة حيث يقطن رفقة زميل له. يؤكد"حكيم" أن المجمتع الطنجاوي متسامح مع الأفارقة ونجد مساعدة من طرف العديد من الساكنة مع وجود استثناءات تظل معددوة الذين لديهم صور مشوشة حولنا. " طبعا هناك بأفارقة يقطنون بالمدينة ويقومون بسلوكيات غير مقبولة وهذا أمر مرفوض ويؤثر علينا." يتحدث حكيم عن تصرفات مهاجرين أفارقة بمدينة طنجة. خلال المدة التي قضاها حكيم تمكن من التعرف بدقة على تقاليد المجتمع المغربي ويقول أنه يظل مجتمعا متميزا وجدير للاحترام, "تعرفت على الأعياد والمناسبات التي يحتفل بها المغاربة كما أنني عشت فترة الصوم عند المغاربة في شهر رمضان" ويضيف حكيم أن هذه المناسبات تعيد توزيع الحياة الاجتماعية بشكل متميز ومثير للدهشة. كثيرون من المهاجرين الأفارقة سلكوا طريق ""كيلان" وحكيم " لتدبير لقمة العيش بعيدا عن طلب المعونة والتسول كما هو حال مهاجرين آخرين ويبقى هذان النموذجان مثالا حيا لاندماج المهاجرين الأفارقة الذين قطعوا ألاف الأميال في سبيل العبور نحو الضفة الأوربية لكنهم وجدوا أنفسهم يعيشون وسط مجتمع مغربي بعدما كانوا يحلمون بمجتمع أوربي.