تثير أيقونة الطقطوقة الجبلية المغنية شامة الزاز، الشهيرة والمجهولة في آن واحد، الكثير من الإعجاب بأسلوبها الفني الأصيل وحسها الوطني الشفاف. فهذه الفنانة الشعبية، المعروفة بمنديلها المزركش وقبعتها متعددة الألوان، شغفت منذ صباها الباكر بالغناء، وهو شغف يجري في عروقها مجرى الدم. وهي لا تلهث وراء آخر أزياء الموضة لكنها أنيقة في بساطتها. وتحذو شامة الزاز روح وطنية أصيلة، فقد كانت من ضمن النساء الأوليات في إقليم تاونات اللواتي شاركن في المسيرة الخضراء، وخلفت وراءها طفليها اللذين لم يكن يتجاوز عمر أصغرهما السنة الواحدة. وتتذكر الفنانة الشعبية قائلة "خلال هذا الحدث الرائع، وفي مدينة طرفاية بالضبط، كنت أؤطر النساء المتطوعات المنتميات إلى منطقتي نهارا، وأحيي أنشطة ترفيهية لصالحهن مساء". وتضيف "هناك تسرب الحس الموسيقي إلى أعماقي"، معتبرة أن مشاركتها في المسيرة الخضراء كان أعز ذكرى في حياتها، وبعدها تحدت الظروف العائلية وانخرطت في مجموعة الفنان الراحل محمد العروسي. وفي تصريح صحفي، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس)، قالت شامة الزاز إنها لا تعرف شيئا عن هذا اليوم، ولكنها لا تنكر أن المرأة المغربية تمكنت من تحقيق الكثير من المكتسبات، ومن ضمنها مبادراتها الاجتماعية والاقتصادية واستقلاليتها وكذا المساواة التي حققتها مع الرجل في العديد مع الميادين. وعلقت الفنانة الشعبية، الطموحة والمتمردة والمتحمسة في آن، على هذا الموضوع قائلة "المرأة لم تعد حاليا محاصرة في البيت. بل أصبحت حرة كعصفور". وتمكنت شامة الزاز، التي تحدرت من وسط متواضع جدا في دوار روف بقمة جبل تاونات وترملت في سن 17 سنة، أن تفرض أسلوبها الفني الأصيل من خلال نصوص ملتزمة تواكبها إيقاعات موسيقية تقليدية تؤديها بشفافية تبهر جمهورها. ويرى محمد العبادي، الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بفاس سايس، أن شامة الزاز "هرم فني في مجال الطقطوقة الجبلية، تمتلك صوتا رائعا"، مذكرا بأن "هذه الفنانة الجبلية المبدعة شاركت وغنت خلال المسيرة الخضراء منذ 38 سنة". ويضيف العبادي أن هذه الفنانة شاركت في العديد من المهرجانات الدولية في تركيا وأذربيجان والمغرب (طنجة، تطوان، شفشاون، تاونات ...) وفرضت نفسها في عالم قروي مخصص في زمنها للذكور خاصة على مستوى إقليم تاونات، الذي يزخر بطاقات إبداعية ينبغي استثمارها. وحرص على توضيح أنه في رصيد شامة الزاز أزيد من خمسين أغنية أنجزتها وأنتجتها بنفسها. واعتبر أن مسألة قرصنة أعمالها الفنية شكل عائقا حقيقيا أمام شهرتها، مشيرا إلى أن العديد من أغنياتها سوقت منذ عام 1975 بأسماء أخرى. وتقيم الفنانة حاليا بضواحي سيدي المخفي في دوار ناء وصعب المسالك، وتعيش حياة قروية بسيطة، وتسهر على الاعتناء بابن لها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي الآن ذاته تعد ألبوما جديدا مهدى لرفيق دربها الفني محمد العروسي الذي خلفته بعد رحيله في الحفاظ على مجد الطقطوقة الجبلية. (*) و م ع